من الجميل أن تفكر و تديم التفكير، فذلك مفيد لعقلك و جسمك، و هذا هو حال غالب الناس في دنياهم.
و لكن ثمة تساؤل ما هو أغلب ما يفكر فيه الناس اليوم وسط هذه الأحداث المتلاحقة و المتتابعة و السريعة، و التي يشاهدها الإنسان و يعايشها أو تنقل إليه عبر الوسائل المتعددة.
و لعلي أتناول قضية واحدة تلامس حاجة الكثيرين و أحصر حديثي و تساؤلي حولها و هي قضية "الزواج"، فمن يفكر في الزواج؟ و ما نسبتهم؟ و ما هي الفائدة من ذلك التفكير؟
أتوقع أن هناك عددا كبير يفكر في هذا الموضوع و يشغل باله، بل أن كل أصحاب الفطر السليمة هم ممن يفكرون في ذلك، و هم الغالب في المجتمع الصحيح المعافى الذي يريد النمو و التقدم و الرقي، فلا يتصور مجتمع يتقدم بغير نمو بشري، و أسلم طريق صحيح لذلك هو الزواج، أما النمو و التكاثر بغير الزواج فهو خلل و خطأ نهى الإسلام عنه و حذر من عواقبه، و لذا قال النبي صلى الله عليه و سلم "تناكحوا تكاثروا".
أما الفائدة من التفكير في الزواج فهي متعددة الجوانب متنوعة المصالح، لعلي أجملها في النقاط التالية:
1- التفكير و التدبر عبادة يؤجر عليها المسلم، و القرآن نزل يدعو إليه: ﴿ وَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44].
2- التفكير في الزواج تفكير إيجابي و نية صالحة يثاب عليها المسلم، فالزواج عبادة، و في حديث الرسول: "إنما الأعمال بالنيات".
3- التفكير في الزواج طريق إلى الرغبة و الهم فيه، و في الحديث: "مَنْ هَمَّ بِحَسَنَة فَلَم يَعْمَلهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَ مَنْ هَمَّ بحَسَنَة فَعَملَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرا إلَى سَبْعِمَائَة ضِعْف، وَ مَنْ هَمَ بِسيَئة فَلَمْ يَعْمَلهَا، لَمْ تُكْتَب".
4- التفكير في الزواج يبعد المسلم عن التفكير في الحرام، الذي ربما يتطور إلى الهم و الفعل، ثم المشكلات و النكبات و الحسرات.
5- التفكير في الزواج يجعل المسلم يسعى إلى ترتيب أموره و أولوياته، و التنظيم مهم في الحياة، و التالي يستطيع أن يقدم الأهم على المهم من خلال النظر و البحث و الدراسة و الاستشارة.
6- التفكير في الزواج يجعل المسلم يتهيأ و يستعد لهذا المشروع مبكرا، فيقرأ و يطلع، و يتدرب على الحياة الزوجية و مهارات التعامل مبكرا، مما يكون له مردودا إيجابيا على الأسرة و الأبناء في المستقبل.
7- التفكير في الزواج يجعل المسلم يرتبط بصحبة صالحة ترغب في الحلال و تبتعد عن الحرام، فيستفيد منهم كثيرا، و قد يخدموه في اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم، بل قد يعرض عليه بعضهم إحدى أخواته أو بناته.
8- التفكير في الزواج و انشغال المسلم به يبعد عنه أهل السوء أصحاب النوايا الخبيثة، الذين يسعون إلى الحرام و يزينونه للآخرين، و يسافرون من أجل الفواحش، بل أن بعضهم يتكفل بالنفقات و العياذ بالله.
9- التفكير في الزواج طريق إلى السعادة، ألا ترى أنك لو دعوت لرجل و قلت له: الله يزوجك، ابتسم و انتابه إحساس بالسعادة و بادلك المشاعر و اقترب منك و قال: آمين.
تلك أيها الأحبة الكرام بعض الفوائد التي تعود من خلال التفكير في الزواج، سائلا الله المولى العظيم أن ييسر أمور عباده، و يوفق كل راغب إلى الزواج السعيد.