جل البيوت التي تشيد في بلادنا، ديران بلا حدائق، فالفرد يولد و يكبر في محيط كله إسمنت، لا يعرف عشبة النعناع و لا شجرة برتقال أو ليمون و لن يشم أبدا عطر وردة... مثل هذا الفرد لن يطور علاقة صحية مع الطبيعة بينما ديننا حثنا في العديد من المرات علي إقامة علاقة متينة مع الطبيعة، كيف تكتمل إنسانية الإنسان و هو فاقد الصلة بالطبيعة ؟ طبعا لن تكتمل.
شخصيا كانت لدي حظوة في العيش خارج و داخل بلدي في بيوت مزودة بحدائق جميلة، فنمت في بذلك حاسة الحمد و الشكر و حاسة التدبر في آيات الله، فأن تجلس لتنظر إلي النحل و هو يتجول بين أزهار البرتقال و الليمون و تتأمل حركة النمل الدائبة و تتابع دوران الفراش و تحليقه حول النباتات و الأزهار و تملأ عينيك بخضرة رائعة الجمال يمنحك راحة نفسية مذهلة.
نحن من أجل ضمان مسكن، نسينا تماما معطي هام : إن غيبنا وجود حديقة في البيت، فسينمو أطفالنا مبتوري الجذور، لا تحركهم مشاعر الحمد و لن يتذوقوا الجمال الرباني في طبيعته و ستكون أحاسيسهم بقسوة و جفاف الإسمنت. من يعش و يكبر بعيدا عن الحديقة، عن التراب، عن العشب الطبيعي، عن الأزهار سيبدو إنسان بائس و لن يعرف ذلك التوازن الذي أقره الله بخلقه للكون ملتحما مع الإنسان.
هذا و البنايات الشاهقة التي تشيد هنا و هناك و التي لم تخصص للشقق مساحة لحديقة صغيرة، فهي تساهم بقدر كبير في التدهور النفسي لسكان هذه الشقق. ليس هناك أجمل من الطبيعة، بتغييبها في حياتنا، يكون الخلل و بتنامي ذلك الخلل سنحصل لا محالة علي أناس مرضي نفسيا.
متي سندرك أن الصحة النفسية للإنسان مرتبطة إرتباط عضوي بالطبيعة ؟