لا يكاد يخلو أحدنا في لحظات ما من حالة هذيان يكون فيها صادقا في كل ما يقول.. فهي حالة لا شعورية يجتر فيها ما هو مكنون في اللاوعي واللاشعور..
منذ شهور، وخلال بحثي عن عمل.. التقيت أحد الأشخاص.. ولان الغريق يتعلق بقشة.. سألت ذلك الشخص عن عمل.. أجابني ذلك الرجل بسخرية: وماذا ستعمل عندي؟! أنا طبيب يا عزيزي.. ههههه، يبدو أن الحظ دائما يعاكسني.. كنت أتصور أنك ميكانيكي.. ولكن لا يضر فالطبيب هو ميكانيكي بشر.. فهل أجد عندك قطع غيار لي...ههههه...يبدو أنك مصاب بالهذيان...حتى أنك تضحك ببلاهة.. لا بد أن أعالجك أولا.. ثم ابحث لك عن عمل...!!حسنا أعطني اسمك كاملا !!لا اعتقد يا حضرة الملبنجي إن اسمي ليس ضروريا.. لكن لا يهم اكتب عندك "هذيان"..
حسنا يا.. ماذا قلت إنك تعمل؟ لكني لا أريد الشفاء من حالة الهذيان أبدا.. الهذيان يجعلني أكثر سعادة.. ويا ليتك تجد لي طريقا لأصحب الهذيان بحالة زهايمر.. عندها سأكون في أفضل حالاتي...أريد مسح ذاكرتي علني أولد من جديد!!العيش مع الهذيان والزهايمر أفضل بكثير من العيش في هذه المجتمعات.. أليس كذلك؟!
حسنا، سأطلق عليك لقب "هذيان".. ولن أعالجك...وستعمل معي، ما رأيك؟
بشروط.. فهل توافق على شروطي؟
نعم أوافق؟ فما هي شروطك؟
أهم شرط أن أخرجك من جمودك.. يباسك.. ملوحتك!
ههههه، وكيف هذا؟ أنا سعيد بجمودي.. انعزالي.. ملوحتي.. يباسي.. هي أفصل لي...لا اود الاحتكاك بأحد!!
لا، سأخرجك منها...لتكون الأفضل.. لتصبح أكثر إشراقا.. أنت حالة استثنائية لم تمر على سابقا.. لا بد من سبر غورك..
لهذا ستعمل معي!!وماذا سأعمل معك وأنت طبيب أطفال؟!يا غبي أنا درست علم النفس، لهذا أقول لك إن حالتك استثنائية.. وان لم تتجاوب معي.. سوف أجن.. أريد أن يكون لي السبق في اكتشاف هذه الحالة!!
إذن، ماذا سأعمل معك؟ لا شيء فقط ستجلس معي ونتحاور.. ومن خلال الحوار سأحاول استنباط ما أستطيع من مكنونك، وللعلم أنا اعلم أنك كاتب جيد.. وتستهويني كتاباتك.. يعجبني حرفك.. فكيف تكتب وأنت في حالة هذيان؟
يا صديقي، إن اصدق العبارات تخرج عندما نكون في حالة من اللاوعي!!