(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 04 آب/أغسطس 2016 10:05

في ذكرى إعلان الاستقلال و ولادة الديمقراطية الأمريكية: دور الإرادة الشعبية في الغرب في العدوان على الشعوب 2/2

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تساؤلات جادة عما يقال عن مشاعر أخلاقية كانت وراء السياسات الأمريكية الخاصة بتحرير الرقيق لا سيما في وجود دلائل قوية عن وجود مصالح استفادت من هذا القرار و لم تعبأ بالعبد نفسه كما هو مفصل في دراسة (أمريكا مدينة على تل أم صنم على جبل/ 1).

و مرة أخرى لم تعدل الإنسانية الأمريكية موقفها و تنادي بالمحافظة على الهندي إلا بعد زواله عمليا من الوجود بحلول القرن العشرين، و حتى بعد هزيمة المقاومة الهندية المسلحة و انعدام الخطر على الرجل الأبيض مما سمح، بعد فوات الأوان، بانبثاق الوعي بهول الجريمة المرتكبة ضد السكان الأصليين في الماضي، حتى بعد ذلك يلاحظ المؤرخ الفرنسي مارك فيرو أن انبثاق هذا الوعي، لم يفض إلى تغير سياسة واشنطن المعاصرة نحو محميات السكان الأصليين[35]، و هي سياسة فصلتها في دراسة (الحوار الحضاري في التاريخ الأمريكي).

الإرادة الشعبية الفرنسية و العدوان على الشعوب

و لو طبقنا التسلسل السابق على فرنسا سنجد أن الاستعمار الفرنسي بدأ منذ القرن السادس عشر قبل عصر الديمقراطية، و لكن الأنظمة الديمقراطية التي تعاقبت على حكم فرنسا بعد الثورة (1789) أكملت ما بدأته الملكية المستبدة و وجدت من مفكري الديمقراطية و الإنسانية و الرومانسية و الاشتراكية أيضاً من يساند هذا التوجه و يدعمه مثل فكتور هوغو (مؤلف "البؤساء"!) و أليكسيس دي توكفيل (رغم معارضته الرق و اضطهاد الهنود في أمريكا) و لامارتين و سان سيمون و أتباعه و فورييه[36]، و رغم أن احتلال الجزائر تم في عهد الملكية (1830) فقد "ظل الفرنسيون يقبضون على الجزائر بعد سقوط حكم آل بوربون مدة طويلة"[37]، و رغم وقوف الرأي العام الفرنسي ضد مشروعات استعمارية جديدة بعدما تكبدت فرنسا خسائر جسيمة من احتلال الجزائر، فقد تمكنت الجمهورية الثالثة من اختلاق حجة واهية جديدة تناظر حجة المروحة التي احتلت الجزائر بموجبها من قبل و قامت باحتلال جديد: تونس (1881)[38]، و بعد سنة 1890 تغير الرأي العام و مال إلى التوسع[39]، و أصبح دافعاً بقوة للاستيلاء على سوريا بعد الحرب الكبرى الأولى، لاهثاً خلف أمجاد غودفري بويون و فرسانه الفرنجة الصليبيين قبل ثمانية قرون[40]، و بعد الحرب الكبرى الثانية حين تغيرت موازين القوى و برزت أقطاب جديدة لتحل محل الامبراطوريات القديمة ظل الرأي العام الفرنسي متمسكاً بأساطيره الاستعمارية "معارضاً للاعتراف بالاستقلالات التي تلوح في الأفق، و يتعلل بالأمل في توطيد دعائم الاتحاد الفرنسي الجديد" مستنداً إلى المصالح الاقتصادية و المالية و معارضاً حلول نفوذ الأمريكيين و الإنجليز محل فرنسا و خائفاً من الإسلام و من رد فعل المستوطنين في المستعمرات[41]، و لما قامت القوات الجوية الفرنسية بالقرصنة التي أدت إلى القبض على قادة الثورة الجزائرية أثناء رحلتهم على متن طائرة مغربية سنة 1956 و من ثم إرسالهم إلى السجن في فرنسا "احتفلت الجماهير الفرنسية بالقبض على قيادات جبهة التحرير الوطني و كأن هذا الحدث يعني نهاية الحرب الجزائرية"[42]، و لم يتيسر الاستقلال لهذه المستعمرات إلا بعد ضربات موجعة من الثوار فيها في ظل مناخ دولي جديد تميز بصراع الأقطاب و حلول الاستعمار الجديد محل الاستعمار القديم مما أعطى هامشاً واسعاً لتحرك ضحايا الامبراطوريات القديمة، و مع ذلك ظلت الديمقراطيات الاستعمارية القديمة ترتكب الجرائم الوحشية و تبيد مئات الآلاف (سقط في مجزرة 8 أيار/ مايو/ ماي 1945 وحدها 45 ألف شهيد على الأقل في الجزائر رغم أن الحدث بدأ احتفالاً بانتصار الحلفاء على النازية) و هي متمسكة حتى الرمق الأخير بأوهام السيطرة فدفعت الشعوب أثماناً باهظة لرفع هذا النير عنها و لم تكن فاتورة المليون و نصف المليون شهيد في الجزائر إلا واحدة من هذه الفواتير، و لم يدخر القمع الاستعماري وسيلة همجية أو "حديثة" في تعذيب و إرهاب مقاومة الشعوب إلا و استخدمها، من الضرب و الركل و التعليق و الإغراق و النفخ بالماء و الاغتصاب مروراً باستخدام الزجاج إلى استخدام الكهرباء[43]، و لقد كانت هذه المقاومة الشعبية في أجواء الصراع الدولي هي التي أثمرت عملية التخلص من الاستعمار و جعلت كلفته باهظة خلافاً للأوضاع السابقة التي قبضت فيها السلطات الاستعمارية بيد من حديد على مستعمراتها و لم يكن لديها أي التزام تجاه ضحاياها، و ليس دقيقاً القول إن عجز المستعمرين عن تطوير مستعمراتهم هو الذي قادهم إلى التخلي عنها كما يدعي بذلك بعض المؤرخين[44]الذين يعترفون مع ذلك بأن "الاستعمار يموت، و لكنه لا يستسلم"[45]، ذلك أن هؤلاء المستعمرين لم يضعوا في حساباتهم يوما تطوير حالة رعاياهم أكثر مما يلزم لمصالح الدولة المستعمِرة، و لم يكونوا يشعرون بأي التزام تجاههم ما دامت السيطرة المطلقة بأيدي السلطات الإمبريالية، و ما استجد على الساحة و جعل من هذا التقصير عيباً قاتلاً ظهور أقطاب دولية جديدة و منافسة و قيام حركات التحرر مما جعل ثغرات السياسات الاستعمارية نقاطاً حساسة للهجوم عليها.

و من الطريف في مجال الاستعمار أن نجد بين معارضيه الفرنسيين الجنرال بوجو الذي اشتهر بقسوته الشديدة في قمع المقاومة الجزائرية بزعامة الأمير عبد القادر(1840-1847)[46] ، و لم تكن معارضته نابعة من المشاعر الإنسانية بل من حسابات المنفعة الفرنسية فلما وُضع في الميدان حفر لنفسه شهرة بصفته من أسوأ من تعامل مع الشعب الجزائري، فقد اتبع "سياسة الأرض المحروقة في المناطق الداخلية الجزائرية بهدف إضعاف الدعم الشعبي للمقاومة التي يقودها عبد القادر؛ فأحرق القرى، و أفزع الماشية، و دفعها للهرب، و أتلف المحاصيل، و اقتلع البساتين، و أجهز على الرجال و النساء و الأطفال، و أمر ضباطه بأن يقتلوا الجميع، و لا يأسروا أحداً. و إذا حاول أحد رجال عبد القادر الاستسلام يكون مصيره الموت"[47]، و مرادي من ذكر هذا المثال هو عدم التعويل على قوى المعارضة الداخلية في المجتمعات الغربية حيث لا يمكن أن تصل درجة التعاطف معنا إلى الحرب بالنيابة عنا و إحداث تغيرات جذرية لصالحنا و هذا ما تثبته المدرسة النفعية التي وقفت ضد الاستعمار كما سيأتي.

الإمبريالية البريطانية بين دعم الإرادة الشعبية و معارضة المدرسة النفعية

يلاحظ دارس التاريخ البريطاني ظاهرتين متعارضتين و هما معارضة المدرسة الليبرالية النفعية للظاهرة التوسعية من منطلق حسابات الربح و الخسارة في مقابل الدعم الشعبي للتوسع الاستعماري، و قد يبدو من الغريب أن يتزعم منظّر الرأسمالية آدم سميث مناوأة الظاهرة الاستعمارية في كتابه الشهير ثروة الأمم (1776) و أن يقوم رائد المدرسة النفعية جيرمي بنتام بالقول إنه ليس من مصلحة بريطانيا أن تحتفظ بتوابع أجنبية و إن عليها تحرير المستعمرات الموجودة من التبعية و ذلك لمقتضيات المصلحة العامة (1789)، و يسير على هذا المنوال جيمس ميل (1824) و جون ستيوارت ميل(1862)، و لكن العجب يزول بمعرفة السبب فقد كانت هذه المعارضة لتملك المستعمرات تستند إلى الحسابات الاقتصادية التي تؤكد في نظرهم أن تفكيك الاستعمار مفيد اقتصادياً[48].

و مادام الأمر خاضعاً لحسابات المصالح المادية المتفق على كونها مرجعية السلوك و ميزان الأعمال فمن الطبيعي أن يشخص آخرون المصلحة في غير هذا التوجه، و الإنسان يتصرف وفق إدراكه للمصالح لا وفقاً للمصلحة المجردة كما يقول المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري رحمه الله، و لهذا وجدنا أن التوسع الاستعماري يحظى بشعبية جارفة في بريطانيا في عصره الذهبي، و في هذا المجال يقول المؤرخ إريك هوبزباوم إن مجمل السياسات الديمقراطية أثرت تأثيراً متميزاً في ظهور الإمبريالية في نهاية القرن التاسع عشر، و ذلك باستخدام الاستعمار في التخفيف من مشاعر السخط الداخلية في البلدان الاستعمارية بالتحسينات الاقتصادية و الاجتماعية القائمة على المنافع المتأتية من البلاد المستعمَرة، و هذا هو ما قصده الساسة بغض النظر عن المنافع الحقيقية و التي شكك بها الكثيرون، كما نجحت مشاعر العظمة القومية القائمة على الهيمنة على الآخرين في إشغال الناخبين عن المطالبة بالإصلاحات الداخلية المكلفة، و بهذا منحت الديمقراطية السلطة الحاكمة إقراراً بالهيمنة البريطانية على مختلف بقاع العالم و غدت هذه الهيمنة لحمة أيديولوجية مطابقة لمقتضى الحال[49]، و يقول أيضاً إن الإمبريالية استقطبت ولاء الجماهير دون الحاجة إلى القيام بإصلاحات اقتصادية تنقص من أرباح الفئات المتنفذة في المجتمع و أنها لم تقم بهذا الإصلاح الاجتماعي فقط بل كان الاستعمار يحظى في حد ذاته بالدعم الشعبي[50]، و لم يكن الأمر مقتصراً على الاهتمام بالمصالح الاقتصادية و الاستراتيجية بل امتد إلى الهوية و أنتج طرقاً جديدة في التفكير، و قد اكتسب الحماس للاستعمار دعماً من الأفكار العنصرية التي راجت في نهاية القرن التاسع عشر و اكتسبت وجهاً علمياً و تحدثت عن التفوق العرقي و أمجاد حروب الإخضاع و النفقات الزهيدة للتوسع البريطاني، و قد تخللت مفردات هذه الثقافة الاستعمارية مظاهر الحياة الاجتماعية في بريطانيا كالتعليم و الأدب و الفن و الحركة الشبابية[51]، و عن رواج أفكار التفوق و الهيمنة يقول هوبزباوم إنها كانت ذات جاذبية حقيقية أفادت السياسات الاستعمارية[52]، و لم تنفع جميع الدروس الأخلاقية، حتى من وجهة النظر النفعية، في تغيير هذه القناعات إلى أن تغيرت موازين القوى بعد الحرب الكبرى الثانية.

ضرورة الاعتبار من رد الاعتبار للاستعمار

بعد رواج الفكرة الاستعمارية بين الجماهير الغربية كما سبق، حدث تحول بعد الحرب الكبرى الثانية في الربع الثالث من القرن العشرين أدى إلى التسليم بحقوق الشعوب الأخرى لبرهة من الزمن ما لبث الأمر بعدها أن انقلب مرة أخرى لصالح التاريخ الاستعماري الذي استمد الآن رونقه من فشل العالم الثالث في تقديم نموذج ناجح بعد تحرره، و انبعثت أفكار الثناء على الاستعمار مرة أخرى و اتخذت شكل الاعتقاد بأن ما هو جيد لأوروبا فهو جيد لجميع البشر و أن الاستعمار لم يقصّر في عمله الإنساني الذي قدم التطور للشعوب الأخرى و أنه مغامرة جميلة شابها بعض الأخطاء المؤسفة و المتقطعة كما أن الاستعمار ليس مسئولاً عن التخلف في العالم الثالث و أنه لم يفد الاقتصاد المستعمِر، و أن "الحساب الختامي للاستعمار إيجابي في مجمله و أن القوى الغربية أدت مهمتها الحضارية"، و أن تحرر الشعوب المستعبدة نتج عن تفضّل من الحكومات الاستعمارية و ليس نتيجة جهود الثوار و أن نهضة الغرب لا تدين لغيرها بشيء و أنها صنعت نفسها بنفسها و أن الغرب "لا يمكن أن يكون إلا صاحب المبادرات التاريخية، إنه يظل وحده صانع التاريخ، يدفعه إلى ذلك إنسانيته و تقديسه المتصوف للتقدم، و هو يتسم على الدوام، بالإيجابية"، و حتى المصالح لها دورها في هذا الخطاب النرجسي فهي "تؤدي أحياناً دورها في ديناميكية التوسع، و في ذلك كله أعظم الفوائد لهذا العالم"، و انقلبت المفاهيم في هذا الخطاب فأصبح على سلالة العبيد الأفارقة في أمريكا تقديم الشكر و الإقرار بجميل الذين أخرجوهم من إفريقيا، و أن القسوة التي صاحبت الاستعمار لم تخرج عن نطاق القسوة البشرية التي عرفها تاريخ الآخرين، و نسي أصحاب هذا التبرير أن الحضارة الغربية قدمت نفسها بصورة فريدة و متفوقة على الجميع[53]مما يمنع تبرير أخطائها بأخطائهم.

و ليس هذا هو مكان الرد على هذا الخطاب الغربي الغارق في عبادة الذات لأن موضوعنا هو رصد دور الإرادة الشعبية في الغرب في دعم الاستعمار الذي مهما حرقوا البخور أمام وثنه فلن يصبح إلها للمضطهَدين و كون المظلوم قد تعثر في مسيرته النهضوية لا يعطي للظالم تبريراً لظلمه لأن فعل الراشد، كما يحلو للغرب أن يصور نفسه، لا يُستمد من فعل القاصر، و لو كان الأب الناضج يبرر أخطاءه أمام أبنائه بأخطائهم لاختل ناموس التربية البشرية.

إن الفائدة التي نستفيدها من هذا الخطاب الغربي المعجون بتقديس الذات هو ضرورة أن نعيد نحن النظر في تعاملنا مع تاريخنا لا سيما الحديث منه (منذ القرن السادس عشر إلى مطلع القرن العشرين) و الذي أوسعناه لوماً و ذماً، و إذا كان هناك من يبجل الجرائم الكبرى في الغرب، فأولى بنا أن نتمهل في تشريح أنفسنا و وصم تاريخنا بمختلف العيوب و التهم رغم كوننا في منزلة الضحايا في آخر الفترة محل الدراسة، و العار فيها يلحق الظالم لا المظلوم، و أن نكف عن لوم الذات بسبب ظاهرة طبيعية لازمت جميع أحقاب التاريخ و هي وجود القوي و الضعيف في زمن واحد، فهل كان على الكهل أن يحتفظ بشبابه رغماً عن قوانين الطبيعة بعدما عمّر أكثر من الجميع ؟ أم يوقف نمو غيره بنفس المنطق المجافي للطبيعة ؟ و إذا كان قد بذل جهده في مقاومة عصابة من الأشداء الأقوياء الأصغر منه سناً فما هي حيلته أمام القوانين الطبيعية و قد سجل في العراك نقاطاً عجز عن الإتيان بمثلها أبناؤه الشباب المتفرقين المشتتين المنقسمين على أنفسهم ؟ و هذه النقاط ستكون موضع حديث قادم إن شاء الله.

الخلاصة و الاستنتاج

استند عدوان الديمقراطيات الغربية على الشعوب الأخرى إلى تبريرات فلسفية و إرادات شعبية دعمت عمليات الإبادة و الاضطهاد و الاحتلال التي وقعت على الشعوب غير الأوروبية، و لكي تتلاءم هذه الديمقراطية مع كل ما سبق لجأت إلى تبني مبادئ يُفترض أنها تناقض العناوين الكبرى للتنوير، مثل العنصرية في الحالة الأمريكية و الأساطير الدينية في الحالة الصهيونية الإسرائيلية التي تصر على تصنيف الناس وفق هوياتهم الدينية للحفاظ على حصرية ديمقراطيتها و عدم شمولها للآخرين الذين يراد استبعادهم، و ذلك رغم أن الغالبية العظمى من الجمهور الصهيوني لم تعد تؤمن بالدين نفسه الذي يتخذ منه ذريعة للظلم و الاستبعاد، فثبت تاريخياً أن الديمقراطية الغربية غير متعارضة مع العنصرية و الظلم و العدوان و هو ما أشار إليه الدكتور عبد الوهاب المسيري حين قال إن "من أهم القضايا التي تواجه الديمقراطية في التطبيق مشكلة المرجعية النهائية"[54]، و بيّن أنه عندما يكون عدد الأصابع المرفوعة هو الذي يقرر القيم فحينئذ تنتج الديمقراطية المنفصلة عن القيمة كما حدث بالفعل في التاريخ الغربي المادي الدارويني، و هي ديمقراطية وضّح تهافتها من مثال بسيط هو : هل يستطيع متفرجون، في بلد مضيف، على مباراة في كرة القدم مع فريق ضيف أن يقرروا بالاقتراع بالأغلبية، خلافاً لقوانين اللعبة، فوز فريقهم الخاسر على ضيفه الفائز الذي لا يملك حضوراً من المؤيدين في البلد المضيف ؟ و باختصار هل تستطيع الأغلبية التلاعب بالقيم المطلقة ؟

و من الطريف أن رفض الممارسات الاستعمارية صدر أحياناً عن المدرسة النفعية التي فتحت باباً للاستغلال لا يمكن إغلاقه و قبلت ضمنياً بعكس أقوالها لأن وضع المنفعة ميزاناً للصواب و الخطأ قد يقود إلى القبول بممارسات ظالمة وفقاً لمردودها المادي بعيداً عن التوجيهات الأخلاقية التي نادى بها مؤسسو المدرسة نفسها و هو ما حدث بالفعل في معظم التاريخ الغربي فلم يُسمع صوت الأخلاق حتى من باب المنفعة فضلاً عن باب الإنسانية في التعامل مع الخارج حينما ترجح المصالح في جهات أخرى، و إذا كان الخطاب الشعبي في الغرب مازال متمسكاً ببراءة هذه الممارسات الاستعمارية الإجرامية فأولى بالضحية أن تتمسك ببراءتها الذاتية و لا تحمّل نفسها فوق طاقتها و لا تفترض أنه من الواجب عليها اجتراح المعجزات بأثر رجعي بدلاً من مغالبة الواقع الحالي.

الهوامش



[1]-Stuart Banner, How the Indians Lost Their Land: Law and Power on the Frontier, The Belknap Press of Harvard University Press, Cambridge (Massachusetts), 2005, p. 98.

[2] -Encyclopedia Britannica, 15thEdition, 1987, Vol. 8, p. 314.

[3] -Stuart Banner, p. 30.

[4]-توماس مور، يوتوبيا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1987، ترجمة و تقديم: د. إنجيل بطرس سمعان، ص 158.

[5]-Robert A. Williams, Jr., The American Indian in Western Legal Thought: The Discourses of Conquest, Oxford University Press, 1990, pp. 174-177.

[6]-New Standard Encyclopedia, Ferguson Publishing Company, Chicago, 1999, Vol. 14, p. R-79.

[7]-كرين برينتون، تشكيل العقل الحديث، سلسلة عالم المعرفة (82)، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، الكويت، أكتوبر 1984، ترجمة: شوقي جلال، ص 395 (من الهوامش بقلم المترجم).

[8]-Robert A. Williams, pp. 246-249.

-Stuart Banner, pp. 46-47.

[9]-Roy Harvey Pearce, Savagism and Civilization: A Study of the Indian and the American Mind, University of California Press, Berkeley, 1988. P.66.

[10]-Robert A. Williams, p. 249.

[11]-Stuart Banner, pp. 39, 42.

[12]-Richard Carlisle (ed.), The Illustrated Encyclopedia of Mankind, Marshall Cavendish Corp., 1978, Vol. 20, p. 2653.

-Ralph K. Andrist, The Long Death: The Last Days of the Plains Indian, University of Oklahoma Press, Norman, 2001, 95.

[13]-Robert A. Williams, pp. 175-176.

[14]-نفس المرجع، ص246.

[15]-أناتول ليفن، أمريكا بين الحق و الباطل: تشريح القومية الأمريكية، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2008، ترجمة: د. ناصرة السعدون، ص 238.

[16]-Roy Harvey Pearce, p. 68.

[17]-Stuart Banner, p. 139.

[18]-إريك هوبزباوم، عصر الثورة: أوروبا (1789-1848)، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2007، ترجمة: د. فايز الصياغ، ص 223.

[19]-أناتول ليفن، ص 242-243.

[20]-William J. Bennett, America: The Last Best Hope, Thomas Nelson, Nashville, 2006, Vol. I, p. 214.

[21]-نفس المرجع، ص 243.

[22]-نفس المرجع، ص 241-242.

[23]-نفس المرجع، ص 243-244.

[24]-أناتول ليفن، ص 241-242.

[25]-كرين برينتون، ص 229.

[26]-نفس المرجع، ص 223-224.

[27]-الدكتور عبد الوهاب المسيري، الفلسفة المادية و تفكيك الإنسان، دار الفكر، دمشق، و دار الفكر المعاصر، بيروت، 2003، ص 196-198.

[28]-والتر أ. مكدوجال، أرض الميعاد و الدولة الصليبية: أمريكا في مواجهة العالم منذ 1776، دار الشروق، القاهرة، 2001، ترجمة: رضا هلال، ص 133.

[29]-نفس المرجع، ص 134.

[30]-صوفي بيسيس، الغرب و الآخرون: قصة هيمنة، دار العالم الثالث، القاهرة، 2002، ترجمة: نبيل سعد، ص 49.

[31] -Richard Slotkin, The Fatal Environment: The Myth of the Frontier in the Age of Industrialization, 1800-1890, University of Oklahoma Press, Norman, 1998, pp. 116, 183, 211, 252, 299.

-David Reynolds, America, Empire of Liberty: A new History of the United States, Basic Books, New York, 2009, p. 62.

-Eric Foner, Reconstruction: America's Unfinished Revolution 1863-1877, History Book Club, New York, 2005, p. 463.

-Edmond S. Morgan, American Slavery, American Freedom: The Ordeal of Colonial Virginia, History Book Club, New York, 2005, p. 377.

- دان لاسي، مولد أمة، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ص 141.

-Francis Paul Prucha, The Great Father: The United States Government and the American Indians, University of Nebraska Press, Lincoln, 1995, p. 29.

-Colin G Calloway, The American Revolution in Indian Country, Cambridge University Press, 1995, p. 300.

-Robert A. Williams, p. 280.

[32]-Richard Drinnon, Facing West: The Metaphysics of Indian-Hating & Empire-Building, University of Oklahoma Press, Norman, 1997, pp. 460-461.

[33]-هيلين هنت جاكسون، رامونا، دار النهضة العربية، القاهرة، 1964، ترجمة: حسين القباني، ص 442-443.

[34]-Robert M. Utley, The Indian Frontier of the American West 1846-1890, University of New Mexico Press, Albuquerque, 2002, p. 215.

[35]-مارك فرو (تحرير)، الإستعمار: الكتاب الأسود(1600-2000)، شركة قدمس للنشر و التوزيع، بيروت، 2007، ترجمة: محمد صبح، ص20.

[36]-نفس المرجع، ص 506 و645.

-عفاف عنيبة، الرؤية الاستعمارية لألكسيس دي توكفيل، دراسة على موقع مركز الوفاق الإنمائي

http://wefaqdev.net/index.php?page=study&sub_page=view_one&ar_no=155&wr_no=187&ty=1

[37] -يوجين روجان، العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر، كلمات عربية، القاهرة، 2011، ترجمة: محمد إبراهيم الجندي، ص 147.

[38]-نفس المرجع، ص 157.

[39]-د. وهيب أبي فاضل، موسوعة عالم التاريخ و الحضارة، نوبليس، 2007، ج 4 ص 136.

[40] -زين نور الدين زين، الصراع الدولي في الشرق الأوسط و ولادة دولتي سوريا و لبنان، دار النهار للنشر، بيروت،1977، ص 107 و111 و128 و137 و229.

[41] -مارك فرو، ص 544.

[42]-يوجين روجان، ص 417.

[43]-مارك فرو، ص 564-570.

[44] -نفس المرجع، ص 566.

[45] -نفس المرجع، ص 378.

[46] -نفس المرجع، ص 19 و 644 و680 .

[47]-يوجين روجان، ص 151.

[48] -مارك فرو، ص 638-644.

[49]-إريك هوبزباوم، عصر الإمبراطورية(1875-1914)، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2011، ترجمة: فايز الصياغ، ص144-146.

[50] -نفس المرجع، ص 209.

[51]- Robert Aldrich (ed), The Age of Empires, Thames & Hudson, London, 2007, p. 146.

[52] -إريك هوبزباوم، 2011، ص 147.

[53] -صوفي بيسيس، ص 100-142.

[54]-د. عبد الوهاب المسيري، دراسات معرفية في الحداثة الغربية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2006، ص 217.

قراءة 2144 مرات آخر تعديل على السبت, 06 آب/أغسطس 2016 10:11