(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 27 آب/أغسطس 2018 16:31

نعناع ازنيني!

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(7 أصوات)

الكلُّ يرقب الدقائقَ و الثواني، يختلس النظر إلى ساعة جوَّاله:

الأستاذ يحاول لَمْلَمة و جمع شتات أفكاره؛ لتسجيلِ حوصلة الدَّرس على السبورة، أو الاكتفاء بإملائها بخفَّة على التلاميذ!

التلاميذ لم تَعُدْ لديهم القدرةُ على الصبر، لا طاقة لهم بالتحمُّل أكثر، تزايَدَتْ تَمْتماتُهم، و عَلَت همساتهم، الحركةُ دؤوب بينهم لجمع الأدوات.

و فجأة، و فجأة يرنُّ جرسُ العاشرة، هو ذا وقت الاستراحة!

و كأمواج هادرةٍ يتدفَّق التلاميذ إلى الساحة، تَعِجُّ بهم فضاءاتُها الرَّحْبة و تموج، يغمرونها بحيويَّة و مرح.

أما الأساتذة، فيُهرَعُون خِفافًا سِراعًا صوب قاعتهم، لارتشاف القهوة و شرب الشاي، ينادي أحدهم:

"القهوة خضرة، الشاي صيني، و النعناع ازنيني..".

و ينتاب الجميعَ شعورٌ غامر بالغبطة و الابتهاج، و كأنهم في حفلٍ صغير!

مشهد يتكرَّر كلَّ يوم دراسي، إلا أنَّه لا يُمَلُّ، فهو جديد بتجدُّد الأيام، له طعمه الرائق، و نكهته الخاصة، التي لا يكاد يسلو عنها من عاشها حقًّا، و عاينها صدقًا.

♦♦ ♦ ♦♦

يتجمَّع الأساتذة حِلَقًا داخل قاعتِهم المخصَّصة: هذا يُطلِق مزحة، و الآخر يستلطفها فيرد عليها معلِّقًا أو ضاحكًا، و ذاك يشكو همًّا و يفتح جرحًا، و أولئك يتنصَّلون.

يتنصَّلون؟! خوفًا مِن نشر النشارة، فما أكثرَ الجراحَ و النُّدوب و الخلايا السَّرطانية في جسد منظومتهم التَّعِسَة!

أما هنَّ - و ما أدراك ما هنَّ؟! - فالحديث بينهنَّ ذو شجون، فمِن كيفيات صنع الحلوى، إلى طرائق تحضير الأطباق و الأكلات، و ربما كان لبعضهنَّ شأنٌ آخر، الاتجار بالملابس و أدوات الزينة، فكثيرًا ما تكون السوق هنا رائجةً، إي و اللهِ، و رابحة أيضًا!

و تنتهي عَشرُ الدقائق بضجيجِها و صَخَبِها، و كأنها عشرُ ساعاتٍ؛ لكثرة ما فيها من أحداث و لقاءات، و حتى شجارات أحيانًا!

يعود الكل إلى الأقسام، و يثَّاقَلُ الزمن في السَّاعتين الأخيرتين؛ لتُصبِحَا بطول عامين مِن عمر ذاك الأستاذ البائس، و هذا التلميذ الطائش، ليدقَّ الجرس عند تمام منتصف النهار، معلنًا انتهاء الدوام الصباحيِّ.

و هنا يهتف البعض مُردِّدًا: "تحيا لثناعش[2]!".

أجل، بعد كرٍّ و فرٍّ!



[1] ازنيني: نسبة إلى مدينة (ازنينة) الإدريسية حاليًّا، من مدن "الألف عام"، تقع شمال صحراء الجزائر، كانت ممرَّ قوافل التجارة و طلاب العلم قديمًا، يحرص أهل المنطقة على استخدام (نعناع ازنينة)؛ لنكهتِه الخاصة.

[2] لثناعش: تعني الثانية عشرة (باللهجة المحلية)، و في الهُتاف هنا معنى: تحية إكبار لمن عمل من الثامنة حتى الثانية عشرة، و فيه أيضًا معنى أن الثانية عشرة أزاحت عنا التعب بحلولها أخيرًا.

 

الرابط : http://www.alukah.net/literature_language/0/126060/

قراءة 1938 مرات آخر تعديل على السبت, 01 أيلول/سبتمبر 2018 08:29