قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Monday, 14 October 2013 07:02

يوم الحج الأكبر

Written by  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
Rate this item
(0 votes)

شمس عرفة تؤذن بالمغيب، القلوب التي ارتبطت فيه برباط التقرب و الطاعات، يعز عليها وداعه، العيون التي امتزجت دموعها بذرات ترابه في سجودها تمتليء بدموع الحنين، فترنوا إلى أرجائه الحبيبة، في نظرات تأمل بالعودة القريبة، و مواكب السائرين إلى المزدلفة تعج بالتكبير والتحميد، في محطة جديدة في هذه الرحلة العبادية، و يحط الركب رحاله سويعات، في المزدلفة  ثم يتابع المسير الى منى، ينتظر شروق شمس يوم الحج الأكبر.

و هناك في الخيام التي نصبت للحجيج، تتوارد إلى الأذهان رحلة الحبيب المصطفى، منذ بدء الدعوة إلى توحيد الله، و ما رافقها من ضنك و عذاب و استنكار و تهجير،  مرورا بذلك اليوم الذي عاد فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم من الحديبية، دون أن يسمح له بأداء عمرته،  و ملء عينيه من نور البيت الحرام، ثم ها هو يؤيد بنصر من الله و فتح قريب، تفتح مكة و يقف النبي  صلى الله عليه و سلم في الحرم مناديا، يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم  ؟ و تأتي الإجابة المنصفة من نفوس عرفت في قرارتها دائما أن محمدارسول الله، [ أخ كريم وابن أخ كريم]  و سماحة النبوة و رأفة الرؤوف تنطلق جوابا حانيا، [ اذهبوا فأنتم الطلقاء]. فيكون التسامح عنوانا لشريعة محمد و لأمته صلى الله عليه و سلم و تذكيرا لها بأن نصر الله قريب.

و ها هي سنة تسع للهجرة  تهل بالكثير من الانتصارات  و التباشير الطيبة لدولة الاسلام، و فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم يحج مع أصحابه يطوف و يسعى و يقف بعرفة و يتنزل عليه القرآن، [ اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا] و يتأذن ربنا بعزته و قدرته، ليوحي إلى نبيه بآيات كريمة ترسم للأمة ملامح العلاقة الأبدية بين الحق و الباطل، و الرشد و الغي، بين فسطاطي كفر و إيمان للإلتقاء بينهما، و لاتآلف عقائدي و لا توائم منهجي، و لا اندماج إجتماعي و خلقي في كلمات حاسمة، و براءة خالصة {و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين و رسوله} فتتلقف القلوب المؤمنة الأمر بالإذعان و القبول و الرضى، و الثقة بتشريع الله و رسوله، و تظل هذه البراءة منهجا يتّبع و قرآنا يتلى، و نصوصا لا تقبل اللّي و لا التطويع،  فالكفر كفر و الإسلام إسلام.

و تشرق شمس يوم النحر بالتكبير و النحر، و الرمي و القربات، و يتردد في أسماع أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وصيته الخالدة لأمته الرشيدة، نصوصا تظل على إمتداد الزمان شرعة و منهاجا تستنير به الأمة، و هديا تتبعه دون تردد، و تواجه به متغيرات الزمان، و مرجعا تعود إليه كلما تنكبت جادة الصواب،  و ابتعدت عن المسلك القويم، و نسيت استحقاقات أخوّة الإسلام، { ياأيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا:يوم حرام قال :أي بد هذا؟ قالوا:بلد حرام قال:فأي شهر هذا؟ قالوا:شهر حرام فإن دماءكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا اللهم هل بلغت اللهم قد بلغت. فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض}.

و تلهج الألسن بالدعاء إلى الله في هذا اليوم العظيم، يوم الحج الأكبر، بالدعاء أن يحقن سبحانه دماء المسلمين، و قد إستباحها أعداء الأمة، بل و بعض ولاة أمرها  الذين نسوا أمانة الله  التي حملوها، و جعلوا من بلدانهم سجونا كبرى، و من رعاياهم أسرى و سجناء، و من خيرات أرضهم نهبة يغتنموها بلا قيد و لا رقيب.  

هناك في منى و هنا خارج حدودها، و بكل الآفاق الإسلامية، تسارع النفوس المتلهفة إلى الطاعات، بذبح الأضحيات، و صلة الأرحام، و مختلف القربات، في إعلان واضح و عملي، أن الأمة موحدة في عباداتها، متوحدة في مشاعرها، متآلفة في دعوتها و مقاصدها، و أن ما يمر بها من تفرق و ما يعتريها من ضعف، ما هو إلاعارض زائل بإذن الله، و أن العود الحميد إلى رحاب الله بات وشيكا، و أن النصر آت لا محالة، و لكنها سنن تجري بها أقدار الله، فإذا ما وفينا باستحقاقات النصر و التمكين أتانا من حيث لا نحتسب،{وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض وليمكنن لهم دينهم الذي إرتضى لهم} لقد إرتضاه سبحانه لنا، و إرتضيناه لأنفسنا، فيا من من الله عليكم بزيارة بيته أبشروا برضاه، و أكثروا من الدعاء لأمتكم و يا من لم تقدّر لكم هذه الوفادة، أكثروا من صالح الأعمال في هذه العشر المباركة، عسى أن لا يخيب رجاؤكم، و عسى أن يصلح الله بكم حال الأمة إنه سميع مجيب.

 

Read 2201 times Last modified on Wednesday, 21 November 2018 14:51

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab