قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Saturday, 08 June 2024 09:04

"أرض الميعاد"2/2

Written by  عفاف عنيبة

في عدد من الملفات وجد أوباما نفسه يواجه جبال من المعارضة داخل حزبه من طرف التقدميين البساريين و من الجمهوريين، كان في كل مرة يضطر لحساب ألف حساب للمنتخبين في كلا الغرفتين و هذا بمساعدة رؤساء الكتل و المتحدثة الرسمية بإسم غرفة النواب نانسي بيلوزي. شعر بخيبة كبيرة عندما رفع عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان هو الذي وعد عائلاتهم بإعادتهم إلي أرض الوطن. و تعين عليه التنازل في بعض المواد في قانون التعافي المالي و فيما يخص تأمين التغطية الصحية للمواطنين الأمريكيين و لعلم القراء الكرام، مصالح ولاية أمريكية معينة أحيانا تتصادم و مصالح ولاية امريكية أخري تصوروا الموقف ؟ و كيف يتم التصويت حينها ؟ هذا و تضع العطل الرسمية للغرفتين التشريعيتن الرئيس تحت الضغط بحيث عليه الحصول علي أغلبية معتبرة قبل خروج النواب في العطلة.

عند التصويت علي التغطية الصحية، أقام أوباما حفل لفريق عمله في حديقة البيت الأبيض، كأنه إنتصر في حرب ضروس...في ملف المناخ مني بفشل ذريع و في عهده زادت الضغوط لحماية البيئة و كوكب الأرض مع إنفجار و الحريق المهول للمحطة النفطية المائية Deepwater Horizon لشركة بريتيش بتروليوم في خليج المكسيك غير بعيد عن ولاية لوزيانا الأمريكية و بقي لأسابيع و هو يقاوم لإستعادة زمام الأمور و التحكم في تدفق النفط في الخليج  بعد إنهيار و غرق المحطة النفطية مع تركيز عناوين الصحافة المقروءة و السمعية و البصرية علي إخفاق رئاسي في الحد من التدفق القاتل.

 كان عليه التحرك سريعا في ملف الإحتباس الحراري و كيف إحدي قرارته في تمويل شركة سوليندرا المتخصصة في صنع الألواح الشمسية بمبلغ 535 مليون دولار باءت بفشل ذريع كون الشركة أفلست في 2011 و رغم قراره باللجوء إلي الطاقة النظيفة، فالجميع رأي في شركة سوليندرا رمز لإخفاق جديد. عمل بجد مع معاونين أكفاء لتشديد إجراءات الحد من إنبعاث ثاني غاز أوكسيد الكربون. قام بوضع إتفاق بمعية صانعي السيارات يمكن من صنع سيارات أكثر إقتصادا بنسبة 20 بالمئة إلي 2016 و تخفيض 900 مليون طن من الإنبعاثات و إحالة علي التقاعد 177 مليون سيارة و غلق 194 مصنع فحم.

كان يعمل علي إيجاد إتفاق، توافق عليه كلا الغرفيتن يسمح للإدارة الأمريكية بإحترام تعهداتها فيما يخص التقلبات المناخية، كان يريد الحصول علي ذلك الإتفاق قبل حضوره فعاليات مؤتمر المناخ الأممي في كوبنهاجن بدنمارك من 8 إلي 17 ديسمبر 2009 و لم يفلح.

كان هاجس الرئيس أوباما طوال عهدته الأولي : تنفيذ برنامجه و الخروج من الأزمة المالية الحادة، كان يتابع عن كثب إستطلاعات الرأي حول أداءه الرئاسي و كان يصاب بإحباط أمام إنخفاض شعبيته، فالقرارات علي مستوي البيت الأبيض او مجلس الشيوخ لا تتجسد سريعا في واقع المواطن الأمريكي، لا بد من وقت و إمكانيات و وتيرة عمل عالية الفعالية لتبدأ ثمار عمله تظهر.

و هو سيناتور لولاية إلينوي، وقف أوباما بنفسه علي قضايا رشاوي و محسوبية و مساومات، فمن يظن أن الأداء السياسي في أمريكا مثالي واهم. ليس هناك أفسد و أسوأ من بعض السياسيين الأمريكيين. و كل أحد يبحث عن سند و عن داعم له بالمال و العلاقات، فالإستقامة الأخلاقية لوحدها غير كافية.

و في العلاقات الدولية، تبادل المصالح أمر مفروغ منه، "تخدمني في هذا الميدان، أخدمك في ذاك" و هكذا تمكن أوباما من إيجاد مخارج لأزمات و أخري فشل فيها. فوعده بإغلاق سجن غواتنامو لم يفي به، و في العديد من الملفات كان يصطدم كالعادة بالمتشددين من الجهتين، فكارثة إنفجار و غرق محطة النفط المائية ديبوتر أوريزون  في أعماق خليج المكسيك لم تضمن التصويت إيجابيا علي قانون الحد من إنبعاث غاز أوكسيد الكربون.

فما عاينه عن قرب تصادم المصالح و الحسابات الضيقة داخليا و خارجيا و إعتماد جل الدول علي الدور الريادي للإدارة الأمريكية في العديد من الميادين، فمنذ أولي لقاءاته في مجموعة 8 و 20، لمس ذلك التوجه الأناني لكل دولة علي حدة و كيف يحملون الإدارة الأمريكية أعباء الدور القيادي علي المستوي الكوني و بدء بروز دور مجموعة البريكس، و رغما من ذلك، فالجميع كان يترقب سهم أمريكا للخروج من الأزمة المالية العالمية و التي أول ما إنطلقت من بلده أمريكا.

تميز وصف أوباما للعديد من الشخصيات الدولية و المحلية ممن تعامل معهم بشكل متباعد أو مقرب بالدقة و قراءة جيدة لمزاج و طبع كل شخصية علي حدة، فورا أدرك أن المستشارة الأولي الألمانية أنجيلا ميركل عنصر ثابت و ذات ثقة يعول علي دورها الفعال. كان ساخرا من الرئيس الفرنسي السابق  ساركوزي و أما الرئيس الروسي السابق مدفيدف فقد كان يعمل معه و ظل فلادمير بوتين بالمرصاد.

في كواليس المؤتمرات، أظهر الرئيس أوباما مهارته في التفاوض و فرض الطرح  أو الأجندة الأمريكية في ملفات حساسة كالأزمة المالية و التحولات المناخية، أحسن وضع الصين و روسيا في الزاوية بالرغم من هامش مناورة ضيق و وقت محدود في ملف المناخ مثلا.

علي المستوي العسكري،  تفاوض مع العراقيين لإنسحاب علي مراحل مع بقاء قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في العراق، و زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان و لم يتحمس مشاركة طيران حلف الأطلسي للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، قاد في البداية الهجوم ثم تواري تاركا المجال لفرنسا و حلفاءها لتنفيذ بقية المهمة، و أبقي علي الدعم اللوجستي.

في ملف فلسطين، أوباما في غاية التضامن مع اليهود ضحايا ما يسمي بالمحرقة و لا يري بأس في ان يغتصبوا أرض أغلب سكانها من غير اليهود إنما الشيء المهم في موقفه أنه أقر ما يلي :  لا أحد من الجانبين العربي الفلسطيني و الإسرائيلي له رغبة في الذهاب إلي سلام حقيقي و حل الدولتين. فإقراره هذا إختصر علي نفسه النزول بثقل الإدارة الأمريكية لفرض حل الدولتين العبثي.

كان الرئيس أوباما علي قناعة بأن كلا الطرفين ليسا علي إستعداد لحل فعلي، لهذا و إن حاول في البداية إيجاد صيغة تفاهم للتقدم بحسبه في ملف فلسطين إختار تجميد كل العمل و الإكتفاء بذلك. و قناعة أوباما هذه أكدت حقيقة أكذوبة السلام مقابل الأرض و أي سلام و أي أرض.

تتاجر الأنظمة العربية الإستبدادية و الفاسدة بقضية ليس إلا، هذا و جل الإنظمة تجاوزت القضية و رمتها في أدراج النسيان إن لم تتآمر عليها و أما العدو الصهيوني فلم ينوي أبدا الإعتراف بحقوقنا في كل فلسطين، فما بالكم بالفتات و هو مصمم علي موقفه إلي النهاية المحتومة لكل كيان غاصب. 

و مجرد وهم المراهنة علي الجانب الأمريكي الذي ينحصر كل دوره في ضمان أمن بنو صهيون حتي و لو أدي الأمر إلي إبادة شعب كما هو حاصل اليوم في جزء من فلسطين.

هذا و يجب ذكر تعارض إرادة الرئيس أوباما مع المؤسسة العسكرية الأمريكية، إضطره الأمر إلي إعفاء من مهامه القائد الأعلي للقوات الأمريكية في أفغانستان ماك كريستال، و بعدها جاء دور روبرت غيتس وزير الدفاع ليخرج إلي التقاعد و يعوض برجل المخابرات ليون بانيتا.

مضطرة للقفز علي العديد من المحطات كي أختم بعملية إعدام أسامة بن لادن، لعل الرئيس أوباما كان الوحيد الذي آمن بضرورة القصاص من العقل المدبر لإجرام 11 سبتمبر 2001 و نفذ ذلك. لهذا أصر علي المغامرة و تكليف فريق غاية في الإحترافية و قد تدربوا لمدى معينة كي يقوموا بتنفيذ مهمة إعدام أسامة بن لادن، غامر أوباما بنسبة كبيرة، فعلاقاته مع دولة باكستان كانت علي المحك، فالإدارة الأمريكية لم تخبر نظيرتها الباكستانية بالأمر خشية التسريبات و كان عليه لوحده تحمل كامل المسؤولية في حالة فشل المهمة و قد كانت ساعات قلق طويلة و حرص شديد علي التكتم و في النهاية حصل أوباما علي مراده و تم قتل أسامة بن لادن و التخلص من جثته برميها في البحر و غلق و لو جزئيا ملف 11 سبتمبر 2001 و إن كان الجميع في الإدارة الأمريكية علي علم بأن القاعدة لازالت تمثل خطرا و فروعها مثيرة للقلق و لا بد من المتابعة و المراقبة و التحرك سريعا لتجنيب أمريكا عمليات إجرامية اخري.

مرة أخري أثبتت لي مذكرات باراك حسين أوباما فساد و تعفن النظام السياسي الأمريكي و من يعول علي واشنطن يعول علي السراب.

Une Terre Promise, Barack Obama, Editions Librairies Arthème Fayard, 2020, page : 829

 

 

Read 662 times Last modified on Thursday, 13 June 2024 10:15

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab