قول العلماء في تعريفهم للزمن، الزمن في اللغة: اسم لقليل الوقت و كثيره. يقال: زمان و زمن، و الجمع أزمان و أزمنة. و يقال: أزمن الشيء أي طال عليه الزمن، و أزمن بالمكان أقـام به زمانا. و يقولون: لقيته الزمن ذات زمن؛ فيراد بذلك تراخي المدة. و الزمن و الزمان لفظتان تحملان نفس المعنى.
أما مفهوم الزمن في اصطلاح علماء المسلمين فهو مرتبط بمعناه اللغوي، فهو يعني: ساعات الليل و النهار، و يشمل ذلك الطويل من المدة و القصير منها، و بذلك عرفه الزركشي إذ يقول: " إن الزمان الحقيقي هو مرور الليل و النهار، أو مقدار حركة الفلك، و لا يخفى ما بين هذا المعنى اللغوي من ارتباط وثيق، و بالنظر للقرآن الكريم، فإننا نجد أنه لم يستخدم مصطلح "الزمن" و إنما وردت فيه ألفاظ دالة على الزمن، و من ذلك: الوقت قال تعالى: ((قال فإنك من المنظرين، إلى يوم الوقت المعلوم)).
فالإنسان بين الربح و الخسارة في زمن يستهلكه من جمعة، إلى سبت، و أحد، و اثنين و ثلاثاء و أربعاء و خميس، و أسبوع وراء أسبوع، و شهر بعد شهر، و فصول تمضي بنا قدما، و الأيام تطوى و الزمن لا يتوقف، فهناك من يتوقف به الزمن، و هناك من يكمل المسيرة فالإنسان بضعة أيام، كلما انقضى منه يوم انقضى بعض منه، و رأس مال الإنسان هو تلك الأوقات الثمينة التي يقضيها في ما يفيد أو ما لا يفيد ...في ذلك الوقت الذي يستهلكه بما ينفعه في الدارين، فإن أثمن ما يملكه الإنسان هو هذا الوقت، فهل تراه يكون مستثمرا لهذا الوقت حتى ينتفع به و ينفع ما حوله، من بناء مشاريع جادة و هامة لنفسه أولا و لمجتمعه، و هل يوفقه الله إلى عمل ما يقدمه عند أولى محطات الآخرة.
أم تراه يفضل أن ينفقه مثل معظم الناس، بين الأكل و الشرب، و التنزه و النوم...و هكذا تمر الأيام و السنون كمر السحاب، و تجري كجري الرياح، سواء كانت أيام فرح، أو ترح، فمهما طال عمر الإنسان فهو قصير، و الليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر، و النهار مهما اكتمل فلا بد من ظلمة الليل...
فلا بد لنا من عدم الغفلة عن هذه النقطة الهامة، و أن نعلم أن عاما مضى و عاما مقبل علينا، و ذلك هو رحمة من الله لنا حتى تكون لنا فرصا جديدة في القيام بما أخفقنا عن مزاولته من توبة و استغفار و جدية في العمل الصالح، لدنيا نريدها، أو لآخرة نُعد لها...
و الأصل و المقصد من تقسيم الزمن إلى ثواني و دقائق و ساعات و أيام و أسابيع و أشهر و سنين، أن نمتلك الوعي بالزمن، و الغرض من امتلاك الوعي بالزمن، هو الحرص على حسن توظيفه، و الاهتمام على استثماره فيما يرجع علينا و على مجتمعنا بما يفيد و ينفع، و أن نتجنب تبديده فيما لا طائل من ورائه، فما بالك إذا أمضيناه فيما يرتد علينا بالضرر و الخسران المبين في الدنيا و الآخرة، فالوقت بالنسبة للفرد أو المجتمع، كالأرض بالنسبة للفلاح، إن هو أحسن توظيفه، و حرص على استثماره، و أحسن استغلاله، عاد عليه بالربح الوفير، و جنى من ورائه مكاسب طيبة، تماما كالفلاح إذا اعتنى بأرضه و راعاها، أخصبت، و أنتجت له خيرا وفيرا، و جنى منها ربحا كبيرا، و إن هو غفل عنها، و توانى في خدمتها، أجدبت، و لم تعطه شيئا، و قديما قيل : " الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" و هم يعنون بذلك أن من لا يستغل وقته فيما يفيد، ارتد عليه بما يهلك و يبيد، و إذن فلنحسن استغلال الزمن حتى نسلم من المحن ...
Comments
أولا أشكرك على متابعتك لموقعنا المتواضع، وتعليقك على موضوع ماذا يعني أن يمضي عام ويأتي عام؟؟
وأنا أوافقك الرأي تماما سيدي الكريم، فالموضوع كما قلت بسيط ومقروئية خيالية، ولكن أريد أن أحيطك علما أن مقروئية هذا المقال ليست صحيحة، بمعنى هناك خلل تقني الذي يجعل في بعض الأحيان بعض المقالات تصل إلى مقروئية خيالية...
أما من ناحية أنه مختصر فأقول للسيد الكريم، هذا المقال حرر أصلا لجريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين صفحة "عالم الأسرة" فالجريدة لها محدوديتها بالنسبة لعدد الكلمات أظن فهمت قصدي، ولكن اشكرك لأنك أمددتني بفكرة ان باستطاعتي التوسع في مقالي عندما اريد نشره في موقع الأديبة عفاف عنيبة.نت...
شكرا جزيلا
السيدة أمال السائحي.ح
RSS feed for comments to this post