صعدت درجات من المرمر و وقفت علي عتبة قاعة فخمة، إتبعت أختي الفاضلة أمينة و أنا أرمق أمال، الحمد لله كانت تبدو سعيدة.
تجاوزت عتبة أخري لأجد نفسي في أعلي قاعة مترامية الأطراف أكثر فخامة من الأولي، هنا تجري فعاليات إفتتاح مراسم مشهد عاصمة الثقافة الإسلامية.
جل المقاعد كانت مشغولة، عندما جلست كانت قد تقدمت علي الركح مساعدة الأمين العام للمنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي السيدة أمينة الهاجري و شرعت في إلقاء كلمتها لكن لنترك المحاضرين و الضيوف و نلتفت إلي الديكور.
كنت جالسة و علي جانبي حائط بمثابة لوحة كبيرة من صورة عبارة علي منمنمة بديعة، و النقش الدقيق و الساحر يسير في شكل شبه دائري من الفوق إلي الأسفل و عبارات مأخوذة من أبيات شعر، أحاديث نبوية تزين المعاني الطاهرة للمكان، الألوان هادئة و تتجلي للناظر في بهاء. رفعت عيناي إلي السقف الذي هو مقسم بطوله و عرضه إلي مربعات، كل واحدة منها جوفاء تطل منها نافذة جالي مدببة بأشكال هندسية بديعة و اللون المشترك الذي يجمع بين السقف و الجدران الأزرق المفرح، هبطت عيناي إلي الأسفل فالأرضية رخام تتدرج فيها الألوان بين أبيض و بني و عبارة علي فسيفساء ذات خطوط منسجمة، بغتة إنتبهت إلي صوت أختي أمال :
-عفاف أنظري من يصعد إلي المنصة الرئيسية ؟ وزير الثقافة الأستاذ ميهوبي.
في الحقيقة، كنت أتوقع حضوره هذه المناسبة و الذي كان يهمني لقاءه سفيرنا بطهران، فمن عادتي دائما في سفرياتي خارج الوطن التواصل مع سفاراتنا و في كل مرة كنت اجد الترحاب.
-لا بد أن نجد وقت لنحييه، قالت لي أختي أمال.
-سنري، قلت لها. كان من الصعب مفارقة الفريق، في مكان مثل هذا من السهل أن يضيع الإنسان. في هذه المرة لم أهتم كثيرا بمحتوي المداخلات، و لم يغادر أحد حتي نهاية مراسم الإحتفال، إصطف الضيوف و المسؤولين علي الركح وقع تبادل الهدايا و سلم درع عاصمة الثقافة الإسلامية مشهد لوزير الثقافة الإيراني السيد رضا صالحي أميري، كانت الفرق الإعلامية الإيرانية و الأجنبية تحوم كالنحل حول ممثلي الوفود و المسؤولين الإيرانيين.
شردت بذهني و قد عدت للجمال المحيط بي من كل جانب، فحيث كانت تقع عيناي كنت أجد لوحة حية تزين حائط أو مكان.
-عفاف هيا، علينا باللحاق بوزيرنا.
نهضت و أنا في بالي أمر واحد فقط، المهم أن أتكلم مع سفيرنا لأخبره بوجودنا. سمحت لنا الأخت الفاضلة أمينة بالإبتعاد قليلا و هي توصينا أن لا نفارقهم بالنظر.
كنت علي خطي العزيزة أمال، نزلنا ثم صعدنا و في مدخل القاعة توقفنا، فكان الأستاذ ميهوبي مشغول بالرد علي أسئلة الصحافيين الإيرانيين و كان إلي جنبه سفيرنا سعادة السيد عبد المنعم أحريز و الأستاذ بوطاجين مع طالب جزائري.
فورا عندما تعرف علينا سفيرنا ناول كل واحدة منا بطاقة زيارته، قائلا لنا :
-نحن في الخدمة.
شكرنا له إهتمامه و لم أخاطب وزير الثقافة إلا بجملة قصيرة :"الحوار ضروري" فرد مؤكدا علي ذلك. أسهب قليلا في الحديث و أضطررنا للحاق بفريقنا الذي كان قد غادر أمامنا القاعة.
-إلي أين الآن ؟ سألت الأخت منال.
أتحفتني بإبتسامة، قائلة:
-ضريح الإمام علي بن موسي الرضا.
Comments
RSS feed for comments to this post