-إلي أين المسير أختي امينة ؟ سألتها.
-المركز الثقافي للمحافظة، هناك يقام حفل، محاضرات و متحف آخر تزورنه.
مشهد حيوية في النهار و الليل و بالرغم من البرد، فالمتاجر مفتوحة و مضيئة و كل زاوية تتلألأ فيها أضواء زينة.
المكان في إحدي الضواحي البعيدة، تحيطه من كل جانب حديقة واسعة، عند نزولنا، كانت قد سدت الأفق الغيوم، علي ما يبدو ستكون الليلة ماطرة. فرحنا بالدفيء الذي عم أرجاء المبني ذات الهندسة العصرية. في إحدي الطوابق، سلكنا رواق لندخل بعدها قاعة علي شاكلة قاعات السينما، إخترت لنفسي و أمال مقعدين في آخر الصف، هذه المرة تخلل تدخل المحاضرين أصوات الأطفال، فبعضهم جلب معه أبناءه، طبعا ضجيجهم كان معقول و كان بإمكان كل أحد أن يتابع.
محاضرين جدد و رؤية متجددة لطبيعة العلاقة الكائنة بين إيران و العالم العربي، فتداخل المصالح و المحطات التاريخية تجعل الحوار لزوميا، بعيدا عن الإنفعال و التشنج و التعصب للرأي. الخطوات التي لمسناها، هل تتبعها خطوات أخري من دول عربية ؟ سنري.
الحديث عن مشهد عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 1438 2017 أخذ حيزا مهما من الطرح و قد إستمعنا للجزء الأخير من المداخلات، فإختيار هذه المدينة لم يكن إعتباطا و التحضير كان علي قدم و ساق و وزارة الثقافة الإيرانية تريد لهذه المدينة ان تكون ملتقي الأفكار و الرؤي و التيارات الفكرية و المذهبية و الدينية. فالتنوع الذي رصدته بهذه المناسبة، أعده أحد ضمانات نجاح التظاهرة.
إنتقلنا فيما بعد إلي بهو إنتظمت فيه الطاولات المزدانة بشتي انواع المرطبات مع أنواع من الشاي و القهوة. و هنا إلتقينا برئيس إتحاد الزوايا الجزائريين الدكتور محمود شعلان و زوجته الكريمة. تحدثنا قليلا، و تعرفنا علي الدكتورة فيلالي رئيسة أكاديمية الترجمة بالجزائر.
كان إنطباع الجميع جيدا، هذا لم يفاجأني و أكثر ما جذب إنتباهي حرص مضيفينا علي تجنب المواضيع الخلافية، فالسياسة أحيانا تفرق أكثر مما تجمع، أخذت قهوة و بعدها شاي لكي أتحمل السهر فأختنا أمينة أشارت لي بأننا بعد اقل من ساعة علينا بالتوجه إلي أحد المطاعم الفاخرة لحضور مأدبة العشاء التي أقامها وزير الثقافة و الإرشاد الإسلامي علي شرف ضيوف مدينة مشهد.
فالليلة ما زالت طويلة، و ها أن منال تخبرنا بانه بإمكاننا زيارة المتحف. يزيد ديكور المكان في بهاء المتحف، وقفت أتأمل خوذة محارب و درعه مليا، كانت فيما مضي الحروب مواجهة بين معسكرين و كان يلعب العامل الإنساني دورا في غاية الأهمية، بينما اليوم طيارة بدون طيار بوسعها أن تسوي بالأرض قرية كاملة، فالتطور الذي نعيشه في أيامنا مكلف بشريا اكثر من طاقتنا.
كل قطعة معروضة تحكي لك حكاية قديمة عن زمن كنا صناع مصيرنا و ها أننا اليوم نحارب بعضنا البعض بإسم مصالح ضيقة لحفنة من الأنانيين.
في طريقنا إلي المطعم، جلست إلي جنب مخرجة تونسية شابة، تبادلنا أطراف الحديث و كيف كان يهمها قطع أشواط في محاكاة الواقع بإعتماد أساليب مبتركة.
Comments
RSS feed for comments to this post