من أشهر التقيت بتلاميذ قسم نهائي امتياز، وعندما أجريت حوار معهم، توصلنا إلى حقيقة أن المنظومة التربوية عقدت كثيرا عملية تنظيم برنامج عمل التلميذ بشكل عام.
فهم في مرحلة ما من الدراسة يدركون أنهم في حاجة إلى أن يضبطوا يومهم، وقد أدركت قيمة ذلك باكرا جدا، وأنا بعد في طور الابتدائي و قد شاءت الأقدار أن أدرّس السنوات الأخيرة من الطور الأول في إندونيسيا، وقد طبقت والدتي الكريمة حفظها الله برنامجا تعليميا أتاح لي استغلال وقت فراغي خير إستغلال. كنت أجهل ما معني الفراغ، وهذا ما كنا نود نقله إلى أبناءنا باكرا وليس في طور متأخر من التعليم، لا ينفع تعليم قيمة الوقت لتلاميذ في مستوي البكالوريا، وكيف لهم توظيفه ليتقدموا في مشوراهم الدراسي الطويل.
وهل نعلمهم حقا ذلك؟ لا أظن، لأننا نرى كيف أن المراهق في الخامسة عشر لا يدري كيف يتعامل مع ساعات النشاط المتاحة له يوميا، يجهل طفلنا كل شيء عن الوقت، بل يتعاطى معه وكأنه معطى لانهائي، يستبيحه كيفما شاء بدون محاسبة أو مراقبة.
وهذا ما يجعلني في حالة تذكير دائمة وأنا أخاطب التلاميذ: "ينبغي أن تفهموا جيدا أن كل ساعة تمضي سدى غير قابلة للتعويض، وأن الوقت لن يسايركم إلى الأبد، وعليكم باستغلال كل الوسائل المتاحة لضبط برنامج عمل واجتهاد يعينكم على قطع أشواط هامة في مسيرتكم، فلا تستهينوا بهذه المسألة!".
تساهم عوامل كثيرة في تشتيت انتباه وطاقة التلميذ، وأول ما نلاحظه هو عدم اكتراث الأسرة والمدرسة على السواء بمهامهم، كتحفيز الطفل وتعليمه اعتماد خطة عمل لبلوغ هدفه، ولا ينبغي التركيز على النجاح، مهملين جانبا مهما جدا في عملية طلب العلم، فالطفل الذي يلتحق بالمدرسة وهو في الخامسة من عمره؛ يوم تخرجه من الجامعة وهو في الثانية و العشرين عليه أن يكون خلاصة تكوين روحي وعلمي. ماذا نقول عن طلبة يقال لهم ذلك وهم أبعد عن النضج والوعي اللازمين؟
ماذا نقول عن تلاميذ لا يهذبهم التعليم، ولا يضيف لهم، ولا يجهزهم للمستقبل وتحدياته؟ ماذا نقول عن أسر كل ما تعرفه عن التربية والتعليم الشهادة التي تخول ابنها مساعدة أبيه في تحمل تكاليف الحياة؟
المدرسة التي تخرج لنا فرد ضعيف، ضائع، لا هدف له، ولا انتماء، كيف لا نعيد النظر في مناهجها التعليمية؟
كيف لم تخضع بعد المنظومة التربوية إلى عملية تقويم شاملة بعد كل هذه السنين من التطبيق؟