الطفل الجزائري بكل بساطة إبن بيئة عاصية، فهو يري في الكذب و الغش و الغيبة و العنف اللفظي و الجسدي مفاتيح يسمحون له بكسب مكانة وسط الغابة التي يعيش فيها.
و هذه حقيقة لا بد الإقرار بها إن اردنا إيجاد سبل معالجة الواقع المريض. المناهج التربوية مزودة بقدر كبير من التعاليم الإسلامية، الجاحد وحده من ينكر ذلك إنما حجم تأثير ما يتعلمه الفرد في المسجد و المدرسة لا أثر له في الواقع المعيش.
في كل مرة نقف علي سلوكات صغار و كبار أعتبرها مرآة الإنحطاط الذي بلغه المجتمع الجزائري، فالفرد يعيش غير آبه بمصيره الآخروي و آخر ما يفكر فيه طاعة الله. الجميع يتذمر من مستوي المعيشة و هذا يلامس فقط الجانب المادي من الحياة و أما جفاف العلاقات الإجتماعية و الإنسانية، إنقطاع صلة الرحم، جحود النعم الغير المبال بها، غياب الضمير الحي المحاسب، عدم إتقان العمل كل هذه الصفات القبيحة لا يعبأ بها أحد، فكل واحد مشغول بالغنائم و لا يهمه إن غرق المركب الذي يقل الجميع.
و هذه الأزمة الأخلاقية العميقة، تتطلب أحيانا تدخل القانون لضبط العلاقات فيما بين الناس كما ذكرت البارحة في مقالتي عن العنف اللفظي و النفسي و الجسدي الذي تذهب ضحيته الفئات الهشة خاصة المرأة و لكن أثبتت التجارب المريرة ايضا أن القانون يكون غير فاعل إن لم تتجاوب معه الفئات المعنية به و إن بقيت مفاهيم وثنية مسيطرة علي الضمير الجمعي و الفردي.