هي كلمة يقولها كل جزائريّ مخلص رأى الاستقبال البهيج و الكرم الحاتميّ الذي لقيه وزير خارجية الانقلاب المصريّ نبيل فهمي خلال زيارته للجزائر في غضون الأيام القليلة الفائتة.
هي كلمة يقولها كل جزائريّ يدرك أنّ مثل هذه الاستقبالات تضعف هيبة الجزائر و تخسرها كثيرا من رصيدها البطوليّ الذي عرفت به في العالمين العربي و الإسلامي.
و يا ليت كل مسؤولينا يدركوا حق الإدراك و يفهموا حق الفهم أنّ تاريخ الجزائر ليس ن أملاكهم التي ورثوها مع كراسيهم التي يجلسون عليها، و أن أيّ موقف لا مسؤول يزعزع شمم هذا التاريخ فإن من حق الشعب أن يعترض عليه و يبيّن رأيه إزاءه.
إن الجزائر التي استقبلت هذا السفاح ليست الجزائر التي تربّينا على تصرفات رجالها و رزانة و صرامة دبلوماسييها.
إني أتحدث عن جزائر لا أعرفها...
ليست هذه الجزائر التي كانت تأوي الأبطال المضطهدين في بلادهم من آثار قمع الحريات و انتهاك حقوق الرجولة، ليست هذه الجزائر التي كانت تحتضن من عادَتْهم الصهينة و الأمركة، ففتحت لهم أذرعتها و أحسنت وفادتهم، ليست هذه الجزائر التي استقبلت راشد الغنوشي لما فرّ هاربا من قمع بن علي المجرم، و التي استقبلت سعد الدين الشاذلي لمّا ضاقت به أرجاء أمّ الدنيا مصر على فساحة أرجائها و خطّ ببلادنا مذكراته الخالدة عن حرب أكتوبر 1973.
كيف للجزائر التي دفعت بالراحل ياسر عرفات أن يخطب في الأمم المتحدة لأول مرة سنة 1974 و احتضنت إعلان الدولة الفلسطينية سنة 1988 و دعمت المقاومة إلى آخر رمق و وضعت جسرا جويا لغزة في حرب السجيل سنة 2008، أن تنتكس و تستقبل هذا الكائن الانقلابي الذي يمثل النظام الذي اضطهد جيرانه و حاصر إخوانه و مازال يحاصرهم من سنة 2007.
لماذا يعزم صنّاع قرارنا هذا الزمان أن يمحو من ذاكرتنا كل أثر طيب تنّم منه رائحة شرف و نخوة و عدم انبطاح أمام التيار المستسلم.
لماذا يعزمون و يعزمون على أن ينسونا أننا بلد كان دائما ذو مواقف رجولة و أنفة و لو كره الكارهون.
لماذا يقبّحون بسوء فعالهم صورة الجزائر الباهرة التي ينتظر منها الجميع أن تعود لسابق عهدها و تقود محيطها الإقليمي نحو التحرّر بفضل ما تملكه من تاريخ ماجد مناضل و واقع يقال عنه أنّه الأقل سوءا في البلدان المجاورة، لا أن تصطف اصطفاف الذباب في مزبلة الاعتراف بالهيمنة الأمريكية و الاغتراف من مستنقع خزي المواقف و سوء الفعال.
ألا يمثل هذا الوزير نظام مبارك الخائن الذي يلقب ب " كنز إسرائيل الاستراتيجي "، الذي قتل العباد و أفسد البلاد و وضع رؤوس المسلمين كلهم في وحل الذلّ و الخزي و المهانة،
الذي سبّ الجزائر و تاريخها و شهداءها و قادتها و جيشها و نظامها من أجل لعبة في 2009، ثمّ يستقبل اليوم استقبال الفاتحين من الوزراء و الرئيس.
و السؤال الذي يجب أن يطرحه كل مخلص يملك مسكة من عقل راشد...لماذا أتى وزير خارجية الانقلاب المصري؟؟؟.
لكي يعطي شرعية لانقلابه الفاشي و يقول بلسان الحال: ها قد اعترفت بنا الجزائر التي تسبّحون بحمد جهادها و ثورتها.
لماذا يحتفى به كل هذا الاحتفاء و كأنه عاد لتوّه من ميدان معركة تحرير الأقصى و فلسطين، و حين أتى الوزير المجتهد رجب طيب أردوغان استقبل و كأنه رئيس بلدية لجمهورية افريقية نائية تطلب المساعدات و تشحت اللقم.
ألم يأت هذا الانقلابيّ ليضع بصمات الجزائر على السكين التي ذبحت بها الشرعية في بلده، و يضمّ بلادنا إلى قائمة الدول النادرة التي باركت خراب وطنه.
ألا ما أحوجنا إلى موقف رجوليّ للجزائر جديد يعيد لنا الأمل في قيمنا و عقيدتنا التي بنيت عليها مواقف بلادنا في زمن أصبحت كل الأمور مقلوبة و الأحبّ إلى القلب هو الخائن العميل.
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.