الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و على آله و صحبه و سلم، و بعد:
يقول الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي في شرحه لكتاب التوحيد:” عن أبي هريرة، قال رسول الله صلّى الله عليه و سلم:( اجتنبوا السبع الموبقات) المجانبة هي المباعدة، هو في جنب و هي في جنب، الموبقات : المهلكات، و هي من الكبائر، منها ما هو من الكفر، و منها منا دونه، قالوا و ما هنّ ؟ قال:( الشرك بالله) و هي أمّ الموبقات، و هو صرف نوع من العبادة لغير الله، و هذه الموبقة يدخل تحتها كل الموبقات، و هي رأس الشر، و من لقي الله تعالى بها خلّده في نار جهنم، الشرك بالله محبط للعمل، و لا يقبل معه صرف و لا عدل، حتى يتوب إلى الله { و لقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك} الزمر 65. خطاب رب العالمين لنبيّه الكريم، و كل الرسل خاطبهم بماذا ؟ بهذه الحقيقة العظيمة، فمن بعد ذلك يتهاون في الشرك، الشرك يحبط عمل النبي، و قد عصم الله الأنبياء من الشرك، و على الصحيح هم معصومون من الكبائر، و مع هذا كانوا يخافون منه، و يستعيذون بالله منه، فكيف بحالنا؟ ليس بيننا و بين الله عهد أن نعصم من الشرك، بل كل إنسان معرّض للكفر و الشرك، الأمر خطير، الشرك مخرج من الدين، محبط للعمل، مخلّد لصاحبه في النار و العياذ بالله، لو أتى بحسنات الخلق كلهم، و لقي الله بالشرك لم يقبل منه حسنة، الشرك محبط للعمل، و لا خلاص منه إلاّ بالتوبة و التوحيد، فإن أصل الشرك لا يجتمع مع أصل التوحيد، إمّا موّحد أو مشرك، أمّا المعاصي فإنها توجد في المؤمنين، فتجتمع المعاصي مع أصل الإيمان، أمّا الشرك فلا يجتمع مع أصل الإيمان، هذه هي الموبقة الأولى، و هي مخرجة من الدين.
( و السحر) الموبقة الثانية، و ذكرها بعد الشرك، و لأنه كفر، و جنس من أنواعه، فإن الساحر لا يصبح ساحر حتى يشرك.
ثمّ ذكر الكبائر من الذنوب، لأنّ الكبائر تطلق على الشرك و على كبائر الذنوب.
( و قتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق) و هذا دليل على جواز قتلها إلاّ بالحق، و هذه أيضا عظيمة، و أول ما يقضى في الناس في الدماء. تقاتل لإعلاء كلمة الحق، لا لدنيا، و لا لمنصب، و لا لتصفية حسابات، المسلم يكون على حذر.
تنتهي هذه الفتن، و يخرج الناس منها، ما بين سالم منها، و ما بين مرتكس فيها. ( و أكل الربا) و سمّاه صلى الله عليه و سلم أكل لأن أكثر ما ينتفع به من الأموال لأكل و شراء الطعام، من المؤسف أنّ هناك من يفتي أنّ الربا مباح للحاجة، من الذي يقترض لغير الحاجة، الحاجة لا تبيح الربا، أبيح السؤال من المسلمين أعطوه أم منعوه، و لم يبح الربا، لأنه بداية مشكلة، الذي يعجز عن سداد القليل من المال يعجز عن سداد كثيره، هناك دول متطوّرة و مصنّعة عجزت عن سداد ديونها، و أعلنت إفلاسها، فالربا ممحوق، و صاحبه خاسر في الدنيا و الآخرة، و لهذا الإسلام حرّم الربا، و الله عليم حكيم، لو كان في الربا مصلحة للمسلمين فإن الله رؤوف رحيم بعباده، لا ينبغي للمسلم أن ينخدع بهذه الفتوى المضلّلة.
و أكل مال اليتيم، لأنّه ضعيف، و هو من مات أبوه قبل البلوغ، و لا يطلق اليتم على من ماتت أمّه، و في الحيوانات يطلق على من ماتت أمّه، بعد البلوغ ليس هناك يتم، اليتيم ضعيف لا يستطيع دفع الظلم عن نفسه، و كم أكلت أموال الأيتام من قبل من نزعت الرحمة من قلوبهم، و لا ينبغي أن ينبذ اليتيم، يتعامل معه بالإحسان.
( و التولّي يوم الزحف) إذا فرّ يوم الزحف فهذه كبيرة من كبائر الذنوب. ( و قذف المحصنات الغافلات) هذه المحصنة غافلة عن هذه الفتنة، محصنات لفروجهن لم تحدث نفسها بهذه المعصية، فمن قذفها فهو على خطر عظيم.
حدّ الساحر ضربة بالسيف؛ أي يقتل، و في البخاري، أنّ عمر كتب:” أقتلوا كل ساحر و ساحرة” و رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بطاعة الخلفاء الراشدون، كذلك إجماع الصحابة السكوتي في أنّ الساحر يقتل، و أنّ الساحر كافر، يقتل ردّة و ليس حدّا.” هذا و الله أعلم و صلّى الله على نبينا محمد وعلى آله و صحبه و سلم.