نظرات مشرقة

سنة البحث بين الإبتكار و التعطيل

بقلم عفاف عنيبة

بمناسبة يوم العلم الذي يوافق 16 ابريل من كل عام، هذه فرصة تتاح لي لمناقشة ملف أسال حبر كثير علي مدي عقود و عقود.

أولا العلم بلا أخلاق كارثة نعيش علي وقعها يوميا، فالسلاح الذي يحرق أحياء أهلنا في فلسطين من صنع الذكاء الشيطاني للإنسان.  و قد أصبح الأنترنت في أيامنا سلاح في أيدي الأشرار و المنحرفين للسرقة و العدوان بكل أشكاله، فنحن نصبح و نمسي علي إنتهاكات جسيمة تمس راحة و صحة البشر من جراء إختراعات لا سياج أخلاقي يكبحها.

لا أحد جسد في الجزائر فضيلة العلم و فوائده مثل الشيخ العلامة مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأستاذ عبد الحميد بن باديس رحمه الله، كان حرصه كبير في تزويد أبناء البلد بسلاح العلم المتبصر. كانت مدارس الجمعية تجمع بين علوم الدين و الدنيا و تخرجت أجيال حملت هم التحرير و النهضة و نحن اليوم نعيش في دولة عامرة بالمدارس و الجامعات و إن كان ينقصها الكثير لتصبح مصانع التطور العلمي المنشود.

أي مدرسة و أي جامعة في حاجة إلي أجندة أخلاقية، توفير النقل و الأكل و الإقامة مزايا مادية بحتة لا تعوض بأي حال الدفع المعنوي في رسم إستراتيجية نمو و تطور قائمة علي مشاركة فعلية للتلميذ و الطالب بإشراف من طاقم عالي الكفاءة. فالعلم مسعي يتطلب الكثير من الإستقامة الأخلاقية و المرونة و كم هائل من الفضول و خطة سير ناجعة.

نحن قطعنا أشواط، لا ننكر ذلك لكن ما يجب دراسته عن كثب، عملية البحث و المتابعة و الدعم المقدم لتحويل الأفكار و الخيال إلي واقع ملموس. فلا يكفي تسجيل براءة الإختراع أو إنشاء شركات صغيرة للنهوض حضاريا بمجتمعاتنا، لا بد من جرد أولويات و إحصاء الإمكانات و القدرات و تخصيص ميزانيات و تأطير الباحثين و دعم جهودهم فعليا بعيدا عن موضة الإستعراض. من الضروري خلق أجواء محفزة تفتح آفاق واعدة أمام الباحثين من مواقع و مجلات و أدوات البحث و لقاءات أصحاب التخصص و التربصات و التبادلات العلمية و ترسيخ مبدأ الإستحقاق، و بث روح المنافسة الإيجابية و إلا نحن نحرث في البحر.

لاشيء يخفف عن الباحث مثل البعث فيه روح البحث و التجربة و ما نحن في أمس الحاجة إليه تغيير الذهنيات التي لطالما إقتاتت علي التلاعب و الجمود و التزوير و الأفكار المستوردة و المحسوبية و حاربت النبوغ و الذكاء و الإكتفاء الذاتي و إعتماد المحلي علي الأجنبي. ليس من السهل إجتثاث الذهنيات الإنتهازية و الذهاب إلي الحلول المبتكرة المستوحاة من واقعنا و خصوصيتنا، لا تزال حربهم قائمة و لازالت العراقيل و الحواجز و لا تزال الأنانية و النزوات تعشعش في أماكن كثيرة و أولها فئة القائمين علي الشأن العلمي، لهذا إذا ما لم نقم بتنقية الأجواء و أخلقنا قطاع حساس جدا، فنحن نراوح مكاننا و لم نأتي بجديد و ليس بمقدورنا النهوض و نحن نتقن لعبة التعطيل و نكون قد فرطنا في مصير و مستقبل…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى