يهمكم

في الصباح الباكر…

بقلم عفاف عنيبة

 

لازالت عالقة في بالي صورة المواطنين الأندونيسيين في الصباح الباكر. أول ما تغادر بيتك في جاكرطا سيلفت إنتباهك ظاهرة لم أعثر عليها في الجزائر، خروج أصحاب البيوت قبل مواعيد العمل لينظفوا أرصفتهم و حدائقهم و يستعملون لذلك الغرض مكانس بأعواد الخيزران الدقيق. و جميعهم سواسية في هذا النشاط المبكر، أغنياءهم و فقراءهم.

لهذا تقابل كل إنسان ذاهب إلي عمله، شوارع و أرصفة نظيفة، فهم يخففون علي عمال النظافة عملهم النبيل. و تعلو الساحات و المساحات الخضراء فوارات ماء تطهر الأرض و الأجواء. فيبدأ العبد نهاره مسرورا بهذا الكم من النظافة و الحرص علي جمال العمران. كنت آنذاك صغيرة و ما كان يثير فضولي أنني كنت أعيش في بلد مثل أندونيسيا يضم اكثر من 100 مليون نسمة و يجمعهم حب النظافة و علي إختلاف أجناسهم من صينين و هنود و ماليين و بيض هم واعون كل الوعي بقيمة النظافة و فوائدها الجمة. لهذا عند عودتي إلي الجزائر، شعرت بالغضب من شعب صغير لا يفقه شيء في آداب النظافة و يتبجح بإسلام صوري، و إيمان سطحي لم يغير شيء من نفسه.

في جاكرطا، كنت ألمس قبسات الإيمان الفطري في سلوك مسلمين أعاجم، في الجزائر، أفتقد تلك القبسات حقا و قد كان يوم مغادرتي لأندونيسيا، حزينا للغاية. شعرت بأنني أرحل عن مكان أهله علي بساطة حياتهم و مستوي معيشتهم، لم يتلوثوا بلوثة الجهل المتعمد السارية في عالمنا العربي و المغاربي علي وجه الخصوص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى