تلزم القوانين الدولية المتفق عليها جميع الرحلات التجارية بحمل جهازي تسجيل معلومات خاصين بأداء الطائرة و ظروف الرحلة أثناء الطيران.
تحفظ هذه الأجهزة في قوالب متينة للغاية مصنوعة من مواد قوية مثل عنصر التيتانيوم، تحيطها مادة عازلة لتتحمل صدمات تبلغ قوتها أضعاف قوة الجاذبية الأرضية، و لتتحمل حرارة تفوق 1000 درجة مئوية و ضغطا قويا يعادل ضغط المياه على عمق 200000 قدم تحت البحر.
و تتضمن الاختبارات التي تجريها شركات الإنتاج إطلاق الصندوق الأسود من مدفع صاروخي تجاه جدار لمحاكاة صدمات سقوط الطائرة و هي تحلق بسرعة تفوق مئة ميل بالساعة.
و تلف قطع التسجيل عادة بمادة عازلة تحميها من التعرض من مسح المعلومات المسجلة عليها و كذلك من العطب و التآكل من جراء مياه البحر لمدة 30 يوما.
و يسجل الصندوق الأسود الذي هو في الواقع برتقالي اللون، نحو 300 عنصر من عناصر الرحلة و بينها ما يلي:
سرعة الريح و الارتفاع
-
التسارع الأمامي و العمودي للطائرة
-
درجة ميل الطائرة
-
المحادثات التي تجري في مقصورة القيادة
الاتصالات اللاسلكية
و قد وضعت الاحتياطات الأمنية لتضمن من الناحية النظرية استرجاع المحققين لأجهزة التسجيل، لرسم صورة كاملة لما حصل في اللحظات الأخيرة من الرحلة من خلال بيانات التسجيل ثم تقديم شرحا حول سبب العطل.
البدايات
و يقول الأستراليون إنهم كانوا أول من طور الصندوق الأسود بعد أن راودت الفكرة أحد العلماء الأستراليين في أعقاب بداية مرحلة الطيران المدني في الخمسينيات.
في عام 1953 كان خبراء الطيران يجاهدون في سبيل معرفة أسباب حوادث سقوط عدد من طائرات شركة كوميت التي بدأت تلقي ظلال الشك على مستقبل الطيران المدني برمته.
و بعد عام اقترح عالم طيران أسترالي، يدعى ديفيد وارن، صنع جهاز لتسجيل تفاصيل رحلات الطيران.
و في عام 1958 ابتكر وارن نموذجا لذلك الغرض أطلق عليه “أي أر أل وحدة ذاكرة الرحلة””.
كان الجهاز الأول أكبر من حجم اليد و لكنه يستطيع تسجيل نحو أربع ساعات من الأحاديث التي تجري داخل مقصورة القيادة و تفاصيل أداء أجهزة الطائرة.
و أصيب الدكتور وارن بالدهشة عندما رفضت سلطات الطيران الاسترالية جهازه و قالت إنه “عديم الفائدة في مجال الطيران المدني” و أطلق عليه الطيارون اسم “الأخ الكبير” الذي يتجسس على أحاديثهم.
و نقل الدكتور وارن ابتكاره لبريطانيا حيث رحب به بحماس، و بعد أن بثت إذاعة بي بي سي تقريرا حول الجهاز تقدمت الشركات بعروضها لتطويره و صناعته.
و في غضون ذلك، كان جهاز آخر يتم تطويره في الولايات المتحدة. و في عام 1960 بدأت الإجراءات الأولى لجعل وضع الجهاز على متن الطائرات أمرا إلزاميا.
و مع مرور السنين و تقدم التكنولوجية الحديثة استبدلت الأشرطة المغناطيسية بأجهزة كومبيوتر، و أصبحت الأجهزة أكثر تطورا تستطيع تسجيل كمية اكبر من المعلومات و البيانات و ان تتحمل الصدمات و البقاء في اسوء الظروف الطبيعية.
الرابط : http://www.khayma.com/madina/m2-files/black-box.htm