أكثر مظاهر المرض في عالمنا العربي الإسلامي تتمثل في ذلك التوجه الذي نراه من القمة إلي القاعدة و الذي جعل من التطبيع مع المعاصي و الكبائر و الذنوب و الشر بصفة عامة أمر عادي لا يستحق الإستهجان او أي عملية مقاومة و تصحيح.
الآفات التي تنخر الشعوب المسلمة هي غير تلك التي يعاني منها الغرب المشرك و اللاديني. نحن في عالمنا، نشكو ضعف الإقتصاد و الفساد السياسي و الإجتماعي و نتعامي عن الأسباب الحقيقية المؤدية إلي هذه الأوضاع بل نسقط مشاكل الغرب و نعمل علي حل مشاكلهم بإعتبار مشاكلهم مشاكلنا و هذه معاينة و معالجة غير صحيحة علي الإطلاق.
فالإستقامة المهنية مثلا ملموسة في الغرب و مغيبة في عالمنا ….فالمطلوب تشخيص أمراضنا بتصورنا و وصفة علاج من صميم خصوصيتنا و هذه الخصوصية تتمثل في كتاب الله و سيرة رسول الحق عليه الصلاة و السلام.
فنحن حينما نتخلي عن الأخلاق الدينية، سنغرق في مستنقع أزمات و إنحرافات و مشاكل لا أول لها و لا آخر و لا حل لكل هذا الإنحطاط إلا بطي صفحة المعصية و الزيغ عن الصراط المستقيم و بالعودة إلي الجذور، إلي الصل و الأصل يظل ديننا الإسلام، فمن دون مرجعية قيمية صارمة، لن تستقيم أحوالنا و عالم إسلامي مقسم إلي دويلات و لا واحدة منها في مصاف الدول المتقدمة حضاريا بحاجة إلي مراجعة معمقة لواقع في حالة تآكل داخلي.
عملت القوي المعادية لديننا و هذه القوي منا و إلينا أقول سعت جهات لادينية و ملحدة علي عزل الدين من حياة الفرد و الجماعة بحيث أصبحت المعصية مستحبة و الإستقامة مكروهة و نجح مسعي هؤلاء بالنظر إلي غياب مقاومة جادة و متبصرة من العناصر الصالحة التي بإنكفاءها علي نفسها، فتحت المجال للشر كي يتربع و يستأسد، فبات الوضع بصفة عامة قاب قوسين من الإنهيار التام.
نحن نتجه نحو الزوال، هذا مما لا شك فيه، فالمجتمعات المسلمة تفتقد لبذور الفلاح و الصلاح و تربتها فاسدة و غير قابلة للإستصلاح. لست متشاءمة، حدثنا ربنا تعالي في القرآن الكريم و عبر رسول الحق عليه الصلاة و السلام بفعل الإستبدال. إستبدال قوم بقوم آخرين…ستأتي اللحظة التي يصبح فيه وجودنا خطر علي أنفسنا و هناك سيتدخل الله عز و جل و سيحسم الأمر لصالح فئة أخري لا نعرفها، سيأخذون مكاننا…فالفساد عندما يقضم العظم إلي آخره، لا ينفع معه أي أمل في نهوض أو إصلاح فهو يصلح فقط للدفن…
www.natharatmouchrika.net/home