يهمكم

نداء الريح

بقلم عفاف عنيبة

Version 1.0.0

من لم يقرأ رواية شارلوت برونتي “جين أير”؟ لعلهم كثيرون.

أذكر اليوم الذي إقتنيت فيه الكتاب في بيتنا الأول بتونس. قراءتي له حملتني إلي عالم منتهي و لا سبيل لإحياءه اليوم في ربوع الغرب المادي.

حكاية الفتاة اليتيمة التي تكبر و تبحث عن لقمة عيشها في قصر الفارس الغني السيد روشيستر. لست هنا في معرض الحديث عن حبكة الرواية و مغامرات أبطالها. إنما في نهاية الرواية، كانت هناك ظاهرة جذبت إنتباهي و هي :

بعد الإفتراق و مرور سنين و إحتراق جزء من القصر و في لحظة يأس صرخ النبيل روشيتر و نادي علي جين، فإذا بنداءه يصل إليها و قد كانت خارج البيت الذي لجأت إليه بإتجاه الريح.

فكرت مليا في قدرة الرياح في نقل أصوات البشر، العلي القدير قادر علي كل شيء و خيال الروائية شارلوت برونتي لم يكن بعيدا عن الواقع، فقد لامست حقيقة علمية فمثل الأمواج تأخذ الرياح النداءات من مكان إلي آخر. يكفي أن نحترم الإتجاه الذي تهب منه و إلي أين تتجه.

أحيانا و في روايات محددة، يلامس الكتاب كبد الحقيقة و يأخذون بالقراء إلي آفاق مجهولة سرعان ما تتكشف للعلماء بعد حين. لهذا بقيت أستذكر مطولا ظاهرة النداء الذي جاء في وقته المناسب و الذي جمع مرة أخري بين البطلين و حدد مصيرهما النهائي. روائيات مثل الأخوات برونتي أو جين أوستن ملكوا ناصية السرد القصصي بشكل مشوق و مهذب و لازلنا نقرأ لهن بشغف و لا نمل من تكرار المطالعة، فنحن نفتقد في عصر السرعة إلي نوعية أقلامهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى