في العقود الأخيرة سجلت ظاهرة جديدة، ظاهرة إجتماعية مقلقة. بات الآباء يراهنون كثيرا علي بناتهم عوض أبناءهم، يحملون الإناث فوق طاقتهم :
عليها بإكمال مشوارها العلمي و تخوض سوق العمل و تأتي له بالمال و أحيانا يدفعها إلي الهجرة إلي الغرب لترسل له العملة الصعبة الثمينة و تظل في خدمة الأب و الأسرة ككل و تتقدم في السن و تتضاءل حظوظها في الزواج و الأمومة.
فيا تري ما الذي دهي هؤلاء الأولياء ليثقلوا كاهل الفتاة بمطلب الإسترزاق و الفوز بأعلي الشهادات للحصول علي أعلي الرواتب و كيف تدني الشعور بالمسؤولية لدي الأب القوام ليتخلي عن التكفل معنويا و ماديا ببناته ؟
أين الخلل ؟
لماذا أصبح هم الفتاة في مجتمعاتنا المتخلفة التوظيف حالما تحصل علي شهادة و السفر إلي الخارج بحثا عن الرزق ؟
و هل هذا هو دور الفتاة الطبيعي ؟
مساعدة الأهل واجبة لكن ليس بهذا القدر الذي يهدر إنسانية و أنوثة الفتاة. فأن تتحول إلي معيل العائلة و أبوها و إخوانها أحياء يرزقون، هذا ظلم لها و للمجتمع ككل. رأيت حالات يندي لها الجبين، فالفتاة في المهجر تستصرخ أولياءها، فهي غير قادرة علي تحمل أعباء أفراد أسرة تعاملوا معها بأنانية مفرطة، لماذا إنسحب من الواجهة الحياتية للأسرة الذكور و تركوا الإناث في وضع غير محسود ؟
فمنظومة القيم إنقلبت رأسا علي عقب في مجتمع جزائري كل همه المظاهر، فالشهادة و الراتب ليس للمساهمة في النهوض حضاريا بالبلاد و العباد بل للتباهي الفارغ و تخلي الأب عن مسؤوليته كقوام علي نساء بيته مظهر صارخ آخر لديوثة كريهة. الفتاة مشروع مواطنة صالحة و زوجة و أم و لا تعد بأي حال من الأحوال جيب يسحب منه المال بلا نهاية.