مع قلم الأستاذة كريمة عمراوي

تنوع النعم و التنوع البيئي

بقلم الأستاذة كريمة عمراوي

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و على آله و صحبه و سلم و بعد:

إذا ذكرت القسمة و النصيب يتبادر إلى أغلبنا السيولة المالية، الزواج، الذرية، لكن الله واسع يقسّم الأرزاق و الأخلاق و المواهب، و القناعة، و الدين و الفقه، و الحكمة، و الصحة، والمناصب، و كل طيب و جيد، و مبتغى، يقسمه الله تعالى بحكمته الواسعة، و قدرته النافدة، و لفت انتباهي هذا الدعاء الجامع، الذي يذكرنا قسمة الله  لبعض نعمه التي ينساها بعضنا، مركزين فقط على نعمة المال أو الذرية، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قلّما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوم من مجلس حتى يدعوا بهؤلاء الدعوات:” اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معاصيك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك، و من اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، و أبصارنا، و قوتنا، ما أحييتنا، و اجعله الوارث منّا، و اجعل ثأرنا على من ظلمنا، و انصرنا على من عادانا، و لا تجعل مصيبتنا في ديننا، و لا تجعل الدنيا أكبر همّنا، و لا مبلغ علمنا، و لا تسلط علينا من لا يرحمنا” رواه الترمذي و قال حديث حسن.

هذه الدعوة الجامعة لأبواب الخير و السعادة في الدنيا و الآخرة، فقد جمعت من مقاصد و مطالب جليلة ممّا يحتاجه العبد في دينه و دنياه و معاده، لهذا كان عليه الصلاة و السلام نادرا ما يقوم من مجلس إلاّ و قد رطّب لسانه بهذه الكلمات، و الدعوات الجميلة.

كما أن الله الخالق نوّع لنا في بيئتنا، التنوع البيئي هو تنوع الكائنات الذي هو الركيزة لاستمرار الحياة على هذه المعمورة، و كل الكائنات لها دور في هذا التوازن، هناك الكلب، القط، القمح، الماء، و هناك تنوع داخل كل نوع، مثلا في الطماطم هناك ألوان و أنواع، طماطم حمراء، خضراء، كبيرة، بيضوية، كرزية، بالنسبة للأجناس البشرية هناك العرق الأسمر، الأبيض و الأصفر، و هناك التنوّع الإيكولوجي، هناك جبال، سهول، مروج.

فقدان التنوع البيولوجي سببه الإنسان بالدرجة الأولى، و هذا الفقدان ينتج عنه عدّة مشاكل على حياة الإنسان، على الأكسجين، على الصحة العامة، و مشاكل أمنية، لأن نقص الموارد يسبب التعدي و الحروب للاستلاء عليها، كما يسبب غياب الأمن الغذائي، لأن فقدان التنوع البيئي يؤثّر في الغذاء و يسبب قلّته، و انقراض بعض البذور.

من أهم أسباب فقدان التنوع البيئي أو البيولوجي هو الإنسان، خمسة مليار من المخلوقات التي خلقها الله عزّ و جل على هذا الكوكب لم يتبقّى منها إلاّ ثلاثين مليون فقط، 99 % من الأنواع انقرضت بسبب ممارسات الإنسان الخاطئة، و الاحتباس الحراري و التلوث البيئي، و الأنشطة البشرية التي تلعب الدور الأعظم في ذلك، 32 مليون هكتار من الغابات اختفت خلال خمس سنوات فقط من 2010 إلى 2015 ظرف وجيز، و هذا له تأثير كبير على صحة الإنسان، لأن الغابة هي رئة العالم لما توفر من الأكسجين.

كيف تتم السيطرة على فقدان التنوع البيولوجي؟

من أهم الطرق؛ الحد من قطع الأشجار، الحفاظ على البيئة، الحد من استهلاك وسائل النقل، أثناء جائحة كورونا حين توقفت الكثير من وسائل النقل كالطائرات و البواخر و القطارات حدث تحسن كبير في الجو، في البحار و الأنهار، حتي ظهرت الدلافين في مياه البندقية بإيطاليا، لأن هذه الوسائل تستهلك طاقة كبيرة و تؤثر على طبقة الأوزون، الحد من الاحتباس الحراري، الفيضانات الزلازل لها علاقة بالاحتباس الحراري، الابتعاد عن الزراعة الصناعية و العودة إلى الزراعة الإيكولوجية.

سعادة الإنسان مرتبطة بسلوكه سواء في هذه الأرض أو في الآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى