تاريخ

السودان

عن ويكيبيديا عربية

السُّودان (رسميًّا: جمهورية السودان)، هي دولة عربية تقع في شمال شرقي إفريقيا، تحدُّها مصر من الشمال، و ليبيا من الشمال الغربي، و تشاد من الغرب، و جمهورية إفريقيا الوسطى من الجنوب الغربي، و جنوب السودان من الجنوب، و إثيوبيا من الجنوب الشرقي، و أريتريا من الشرق، و البحر الأحمر من الشمال الشرقي، يبلغ عدد سكان السودان نحو 50 مليون نسمة (تقدير 2024)[18] وتبلغ مساحتها 1,861,484 كيلومتر مربع (718,723 ميل مربع)[1]، مما يجعلها ثالثَ أكبر دولة من حيث المساحة في إفريقيا و في العالم العربي. و كانت الأكبر في إفريقيا و العالم العربي حسب المساحة قبل انفصال جنوب السودان عام 2011.[19] يقسم نهر النيل أراضي السودان إلى شطرين شرقي و غربي و تقع العاصمةُ الخرطوم عند ملتقى النيلين الأزرق و الأبيض رافدي النيل الرئيسَين. و يتوسط السودان حوض وادي النيل.[20]

يمتد تاريخ المِنطقة التي تشكل السودان الحالي إلى العصور القديمة، حيث شهدت حضارة كرمة (ق. 2500 قبل الميلاد – 1500 قبل الميلاد)، ثم أصبحت تحت سيطرة المملكة المصرية الحديثة لنحو خمسة قرون، و أعقب ذلك صعود مملكة كوش (ق..785 ق.م – 350 م)، و التي بدورها سيطرت على مصر لما يقرب من قرن. بعد سقوط كوش، بنى النوبيون ثلاثة ممالك مسيحية و هي نوباتيا، المقرة و علوة، و استمرت المملكتان الأخيرتان حتى 1500. بين القرنين الرابع عشر و الخامس عشر، استوطن البدو العرب معظم السودان. من القرنين السادس عشر و التاسع عشر، سيطرت سلطنة سنار على وسط و شرق السودان، بينما حكمت سلطنة دارفور الغرب و العثمانيون أقصى الشمال. شهدت هذه الفترة أسلمة و تعريب واسع النطاق.

من 1820 إلى 1874 تم غزو السودان بأكمله من قبل الأسرة العلوية. بين عامي 1881 و1885، قوبل حكم الأسرة العلوية بثورة ناجحة بقيادة محمد أحمد المهدي الذي أعلن نفسه المهدي المنتظر، مما أدى إلى إنشاء الدولة المهدية. تم تدمير هذه الدولة في نهاية المطاف في عام 1898 من قبل البريطانيين، الذين حكموا السودان مع مصر بعد ذلك.[21]

شهد القرن العشرون نمو القومية السودانية، وفي عام 1953 منحت بريطانيا السودان الحكم الذاتي. تم إعلان الاستقلال في 1 يناير 1956. منذ الاستقلال، حكم السودان سلسلة من الحكومات البرلمانية غير المستقرة و الأنظمة العسكرية. تحت حكم جعفر النميري، أدخل السودان الشريعة الإسلامية إلى القضاء عام 1983.[22] و قد أدى ذلك إلى تفاقم الخلاف بين الشمال الإسلامي -و مقر الحكومة- و المسيحيين و غيرهم في الجنوب. تسببت الاختلافات في اللغة و الدين و السلطة السياسية في حرب أهلية بين القوات الحكومية، المتأثرة بشدة بالجبهة الإسلامية الوطنية، و المتمردين الجنوبيين، الذين كان فصيلهم الأكثر نفوذاً هو جيش التحرير الشعبي السوداني، و أدى ذلك في نهاية المطاف إلى استقلال جنوب السودان عام 2011.[23] بين عامي 1989 و 2019، شهد السودان ديكتاتورية عسكرية استمرت 30 عامًا بقيادة عمر البشير. بسبب أفعاله، اندلعت حرب في منطقة دارفور في عام 2003. تم اتهام البشير بالإبادة الجماعية العرقية التي خلفت بين 300.000-400.000 قتيل. اندلعت احتجاجات في أواخر عام 2018، مطالبة باستقالة البشير، مما أدّى إلى انقلاب ناجح في 11 أبريل 2019.[24] و السودان حاليًا في حرب أهلية بين فصيلين متنافسين، القوات المسلحة السودانية و قوات الدعم السريع المتمرد شبه العسكرية.

الجغرافيا

من الناحية الجغرافية يقع السودان في شمال شرق إفريقيا و يحتل مساحة قدرها 1,865,813 كيلو متر مربع و هو بذلك ثالث أكبر بلد في إفريقيا بعد الجزائر و الكونغو الديمقراطية، و الثالث في العالم العربي بعد الجزائر و المملكة العربية السعودية، و السادس عشر على نطاق العالم (كان الأكبر مساحة في العالم العربي و إفريقيا قبل انفصال الجنوب في عام 2011، العاشر عالمياً، بمساحة قدرها 2 مليون كيلو متر مربع تقريباً).

التاريخ

التاريخ القديم

سكن السودان منذ العصر الحجري ( 8000 ق م – 3200 ق م). حيث وجدت جماجم تعود لجنس زنجي متحضر سكن منطقة الخرطوم و آخر سكن «الشهيناب» على الضفة الغربية للنيل ازدهرت حضارتاهما حوالي 3800 ق م[29]

عثر على هيكل لجمجمة إنسان عثر عليها صدفة عام 1928 م، في سنجة بولاية النيل الأزرق، عرف بإنسان سنجة (Singa skull)، بأنه عاش في العصر الحجري البلستوسيني (Pleistocene) و تزامن مع وجود إنسان نياندرتال.[30]

مملكة كرمة

حضارة قديمة تتمركز في كرمة، السودان حاليا. ازدهرت من حوالي 2500 قبل الميلاد إلى 1500 قبل الميلاد في النوبة القديمة

الغزو المصري

مع حلول القرن الخامس عشر قبل الميلاد غزا المصريون مملكة كرمة نهائيًا ربما بسبب تعاونهم مع الهكسوس ضد مصر و استمر الاحتلال المصري قرابة ال6 قرون لإن هذه المنطقة كانت تمثل أهمية اقتصادية و دينية و ثقافية بالنسبة للمصريين القدماء حيث كانت غنية بالذهب و مصدراً للخدم.[31]

الممالك النوبية الكوشية

حدود مملكة كوش

مملكة كوش النوبية من أقدم الممالك السودانية، حيث ظهرت فيها اللغة الكوشية قبل ظهور الكتابة المروية (نسبة إلى مدينة مروي التي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل شمال قرية البجراوية الحالية). و كانت مروي عاصمة للسودان في الفترة ما بين القرن السادس قبل الميلاد و القرن الرابع الميلادي، و ازدهرت فيها التجارة. و كانت للكوشيين حضارة عرفت نظم الإدارة و شيدت الأهرامات[32]، كما عرفت كوش تعدين الحديد و الصناعات الحديدية في القرن الخامس قبل الميلاد.[33]

بعد أن غزا الملك كاشتا («الكوشي») مصر في القرن الثامن قبل الميلاد، حكم ملوك كوش كفراعنة الأسرة الخامسة و العشرين في مصر قبل هزيمتهم و تراجعهم من قبل الآشوريين. و في ذروة مجدهم، حكم الكوشيون إمبراطورية امتدت من ما يعرف الآن بجنوب كردفان وصولاً إلى سيناء. و حاول الفرعون الكوشي بعانخي توسيع إمبراطوريته إلى الشرق الأدنى، و لكن تم إحباط هذا من قبل الملك الآشوري سرجون الثاني. و قد ذكرت مملكة كوش في الكتاب المقدس بأنها حمت بني إسرائيل من غضب الآشوريين. على الرغم من أن السبب الرئيسي لفشل الهجوم كان تفشي المرض بين العدو.[34]

الممالك النوبية المسيحية

الممالك المسيحية في السودان

اندثرت حضارة النوبة لتقوم مكانها عدة ممالك مسيحية بلغ عددها في القرن السادس الميلادي حوالي 60 مملكة، أبرزها مملكة نبتة (Nobatia باللغات اللاتينية) في الشمال و عاصمتها فرس، و مملكة المقرة (Makuria) في الوسط و عاصمتها دنقلا العجوز على بعد 13 ميل جنوب مدينة دنقلا الحالية، و مملكة علوة (Alodia) في الجنوب و عاصمتها سوبا (إحدى الضواحي الجنوبية للخرطوم الحالية) و حكمت الممالك الثلاث مجموعة من المحاربين الأرستقراطيين بألقاب إغريقية على غرار البلاط البيزنطي.

دخلت المسيحية السودان في عهد الإمبراطور الروماني جستينيان الأول و زوجته ثيودورا، و اعتنقت مملكة المغرة المذهب الملكاني في حين اتبعت نبتة و علوة المذهب اليعقوبي الذي عمته زوجته ثيودورا.[35][36][37] و وصف ابن حوقل علوة بأنها أكبر الممالك المسيحية الثلاث مساحة إذ تمتد حدودها حتى أطراف الحبشة في الجنوب الشرقي و كردفان غرباً و هي أيضاً أكثرها ثراء و قوة[38]

دخول العرب و الإسلام

دخل الإسلام في عهد الخليفة عثمان بن عفان، و والي مصر عمرو بن العاص، كما تدل الوثائق القديمة و من بينها اتفاقية البقط التي أبرمها عبد الله بن أبي السرح مع النوبة في سنة 31 هجرية لتأمين التجارة بين مصر و السودان، و قيل قبل ذلك لأن الاتفاقية تضمنت الاعتناء بمسجد دنقلا[39]، و من المشهود أن جماعات عربية كثيرة هاجرت إلى السودان و استقرت في مناطق البداوة في أواسط السودان و غربه و نشرت معها الثقافة العربية الإسلامية. و ازدادت الهجرات العربية إبان الفتوحات الإسلامية،[39][40]، و جاء إلى السودان العلماء المسلمين في مرحلة ازدهار الفكر الصوفي فدخلت البلاد طرق صوفية سنية مهمة تجاوز نفوذها السودان ليمتد إلى ما جاوره من أقطار.[41][42][43]

الممالك الإسلامية

بعد اضمحلال الممالك المسيحية و تراجع نفوذها السياسي أمام الهجرات العربية و المد الإسلامي قامت ممالك و سلطنات إسلامية العقيدة عربية الثقافة مثل السلطنة الزرقاء أو مملكة الفونج (1505-1820)م و عاصمتها سنار، و سلطنة الفور في الغرب (1637-1875) م، و استقر حكمها في الفاشر، و مملكة تقلي في جبال النوبة (حوالي 1570-إلى أواخر القرن التاسع عشر تقريباً)[44] إضافة إلى ممالك أخرى مثل مملكة المسبعات في كردفان، و مملكة الداجو و مقر حكمها كلوا في الغرب الأقصى و مملكة البجا و عاصمتها هجر في الشرق.

الحكم العثماني

في سنة 1821 أرسل محمد علي باشا والي مصر العثماني حملة عسكرية لاحتلال السودان بقيادة ابنه إسماعيل باشا. نجحت الحملة في ضم السودان حتى مناطق الاستوائية جنوباً و كردفان غرباً حتى تخوم دارفور و سواحل البحر الأحمر و إريتريا شرقاً. و كان لمحمد علي و حلفائه دور فاعل في تشكيل السودان ككيان سياسي على حدود مقاربة لحدوده الحالية. عرفت هذه الفترة في التاريخ السوداني بالتركية السابقة.

اصطبغت التركية السابقة بالإيغال في الظلم و استغلال المواطنين و فساد الحكام و انتشار الرشى و صيد الرقيق من الجنوب. مما مهد لثورة الأهالي بقيادة محمد أحمد المهدي.

الثورة المهدية

اشتعلت الثورة في السودان تحت قيادة محمد أحمد المهدي الذي إدعى أنه محمد المهدي و أن الله قد أرسله ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً. التفت جموع الشعب السوداني حول دعوة المهدي و توالت انتصاراته على الأتراك و المصريين حتى حُررت الخرطوم سنة 1885 و أُقيمت دولة الدولة المهدية التي سرعان ما انهارت في عام 1898 م، على يد القوات البريطانية المصرية في معركة كرري (في أم درمان) و قُتِل الخليفة عبد الله التعايشي بعدها بقليل في واقعة أم دبيكرات بكردفان لتبدأ مرحلة الاستعمار.

الحكم الإنجليزي المصري

في مارس / آذار 1896، زحفت الجيوش الإنجليزية بمساعدة المصرية إلى السودان تحت قيادة القائد البريطاني لورد هربرت كتشنر لإعادة استعماره تحت التاج البريطاني. و سقطت أم درمان عاصمة الدولة المهدية في سنة 1898 م، و تم وضع السودان تحت إدارة حكم ثنائي بموجب اتفاقية عام 1899 م، بين إنجلترا و مصر التي نصت على أن يكون على رأس الإدارة العسكرية و المدنية في السودان حاكماً عاماً إنجليزياً ترشحه حكومة إنجلترا و يعينه خديوي مصر. و تمتع الحاكم العام بسلطات مطلقة في إدارة السودان.

مشكلة جنوب السودان

تخوفت الإدارة البريطانية من ضم الجنوب إلى الشمال و ذلك بدعوى أن الشماليين الأكثر تعليماً سوف يضطهدون الجنوبيين الأميين المنعزلين. إلا أن قيام الجنوب كدولة مستقلة جابهته تحديات قلة الموارد في الجنوب و افتقاره إلى أي منفذ بحري.

حسم البريطانيون ترددهم و أعلنوا اختيارهم للوحدة بين شطري البلاد في مؤتمر جوبا. إلا أن العلاقة بين شطري البلاد اتسمت بالتوتر الدائم و بنزاع مسلح أصبح أطول حرب أهلية في إفريقيا حتى توقيع اتفاقية السلام الشامل و انفصال الجنوب في عام 2011.

حرب دارفور

اشتعلت الحرب في دارفور التي تحتضن أكثر من ثلاثين مجموعة عرقية مسلمة لها تاريخ في التنافس على الأرض و المرعى. حصدت الحرب المستمرة أرواح مئات الآلاف من المواطنين و فقد ما يزيد على المليون أراضيهم و منازلهم.

الاستقلال

قام مؤتمر الخريجين في عام 1938 كواجهة اجتماعية ثقافية لخريجي المدارس العليا في السودان. و لكنه سرعان ما نادى بتصفية الاستعمار في السودان و منح السودانيين حق تقرير مصيرهم. و قد استمرت الجهود حتى اجتمع البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955 و أعلن استقلال السودان و طالب دولتي الحكم الثنائي بالاعتراف بالسودان دولة مستقلة. و اللتين قد وافقتا و تم الجلاء و رفع العلم السوداني في 1 يناير 1956. شكلت ثلاثة تحديات رئيسية تاريخ السودان ما بعد الاستقلال، و هي مسألة الدستور، و مشكلة الجنوب، و معضلة التنمية في السودان. هذا بجانب الصراعات الأيديولوجية بين الأحزاب اليمينية و اليسارية، و بين الديمقراطيين و الشموليين، و قد حظي كل منهم بتجربة حظه في مواجهة التحديات الثلاثة الرئيسية أعلاه.

القوى السياسية عند الاستقلال

كانت الساحة السياسية تسودها عدة تيارات حزبية إبان الاستقلال:

الأحزاب الطائفية

أي الأحزاب المدعومة من الجماعات الدينية الصوفية السائدة في السودان و بالتحديد حزب الأمة و من خلفه الأنصار، و حزب الأشقاء (الوطني الاتحادي لاحقاً) و من خلفه الطريقة الختمية. و قد سادا في الفترات الديمقراطية الثلاث في تاريخ السودان. و قد اختلطت القيادة الدينية للجماعة بالحزب السياسي بصورة كبيرة. و قد دعا كل من الحزبين للحكم المدني الديمقراطي طيلة تاريخهما في السياسة السودانية.

الإخوان المسلمون

ازدهر النشاط السياسي للإخوان في الجامعات السودانية حتى مثلوا القوة الحزبية الثالثة بعد الحزبين الطائفيين الكبيرين الأمة و الاتحادي. و قد انشق عدة جماعات عن جماعة الاخوان منها الجبهة الإسلامية القومية، ثم حزب المؤتمر الوطني حزب المؤتمر الشعبي. نسقت الجبهة الاسلامية القومية مع عمر البشير عندما كان قائد في الجيش في القيام بانقلاب عسكري علي حكومة الصادق المهدي المنتخبة في 30 يونيو 1989 و قد سميت بثورة الإنقاذ الوطني.

اليساريون

الحزب الشيوعي السوداني و الناصريون و البعثيون. و وجدت إلى جانب هذه التيارات الرئيسية تيارات أخرى كالليبراليين و المستقلين و الإخوان الجمهوريين و القوى السياسية الإقليمية المختلفة و على رأسها القوى السياسية الجنوبية. [38]

الأزمة الدستورية

لم يتم الاتفاق في الفترة التي سبقت الاستقلال على نمط معين من الحكم، و قد احتدم النقاش بين أنصار الديمقراطية النيابية على النمط البريطاني و الديمقراطية الرئاسية على النمط الأمريكي.

أما بعد الاستقلال فقد ألغى الاستقلال دستور الحكم الذاتي المعمول به آنئذٍ. كما خلا منصب رئيس البلاد بعد إلغاء وظيفة الحاكم العام الاستعماري بالغاء اتفاقية الحكم الثنائي، و لذلك تم تعديل دستور الفترة الانتقالية ليوائم فترة ما بعد الاستقلال على أن يُعمل به بشكل مؤقت لحين إقرار دستور جديد.

أهم ما نص عليه الدستور المؤقت هو تكوين مجلس سيادة (مجلس رئاسي عالي) ليكون السلطة الدستورية العليا و تؤول إليه قيادة الجيش.[50]

الحكم المدني الأول

فشلت الأحزاب السودانية بعد الاستقلال في الاتفاق على أية صيغة توافقية بينها حول نظام الحكم و الدستور و استمر الخلاف لعدة سنوات بعد الاستقلال، كما اخفقت في تقديم حل لمشكلة جنوب السودان، بالإضافة لتردي الأحوال الاقتصادية مما مهد لتدخل الجيش لإقصائها من الحكم، مستغلاً السخط الجماهيري المتزايد بتأزم الأوضاع في البلاد.

و وجدت إلى جانب هذه التيارات الرئيسية تيارات أخرى كالليبراليين و المستقلين و الإخوان الجمهوريين (الحركة التي أسسها محمود محمد طه) و القوى السياسية الإقليمية المختلفة و على رأسها القوى السياسية الجنوبية.

الحكم العسكري الأول

كان استيلاء الجيش بقيادة الفريق إبراهيم عبود على السلطة في 17 نوفمبر تشرين الثاني 1958م، أول ضربة لنظام التعددية الحزبية في السودان و مقدمة لسلسلة طويلة من الانقلابات العسكرية التي صبغت تاريخ البلاد. شكل الحكم العسكري حكومة مدنية تكنوقراطية حاول من خلالها التصدي للمشاكل الأساسية الثلاثة للبلاد.

الحكم المدني الثالث

أنجز الفريق عبد الرحمن سوار الذهب وعده بعد انقضاء مهلة العام في سابقة فريدة من نوعها في إفريقيا و العالم العربي. و لأول مرة يتخلى قائد انقلاب عسكري عن السلطة طواعية و بعد وعد قطعه على مواطنيه دون أن أي مقابل سياسي أو مادي خاص.[51][52][53] و جرت الانتخابات في موعدها و فاز فيها حزب الأمة[ ؟ ] بزعامة الصادق المهدي، متقدماً على غيره من الأحزاب و تولى رئاسة مجلس الوزراء، بينما جاء الحزب الاتحادي الديمقراطي في المرتبة الثانية الذي كان يتزعمه أحمد الميرغني و تولى رئاسة مجلس رأس الدولة، فيما خرج منها حزب الجبهة الإسلامية القومية و زعيمه حسن الترابي ليتصدر صفوف المعارضة في البرلمان. و سلّم سوار الذهب السلطة إلى الحكومة المدنية الجديدة.

اتسمت فترة الديمقراطية الثالثة بعدم الاستقرار، إذ تم تشكيل خمس حكومات ائتلافية في ظرف أربع سنوات. قام الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي خرج من الحكومة الائتلافية بتوقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي حققت انتصارات عسكرية نتيجة للمساعدات العسكرية و الدعم السياسي الذي تلقّته من إثيوبيا و بعض الدول الأفريقية المجاورة للسودان، و المنظمات الكنسية. و نص الاتفاق على وقف لإطلاق النار إلى جانب رفع حالة الطوارىء بغية تمهيد الطريق أمام مؤتمر دستوري عام، على أن يسبقه تجميد العمل بالعقوبات الحدية (الشريعة الإسلامية أو قوانين سبتمبر كما كان يطلق عليها) أو استبدالها بقوانين جديدة مماثلة.

كانت الهزائم المتلاحقة التي مُنيت بها القوات الحكومية في جنوب السودان سببا في تذمّر القيادة العامة للجيش التي عقدت اجتماعاً و تقديمها مذكرة لرئيس الحكومة الصادق المهدي، مطالبة أياه بالعمل على تزويد الجيش بالعتاد العسكري الضروري، أو وضع حدّ للحرب الدائرة في الجنوب. و أحدثت المذكرة بلبلة سياسية في البلاد لأنها تتضمن تهديداً مبطناً للحكومة أو على الأقل توبيخاً رسمياً لتقصيرها في إحدى مهامها الأساسية و هي الدفاع عن البلاد، بإهمالها التزاماتها تجاه الجيش. كما كانت تلك المذكرة مؤشراً خطيراً لتدخل الجيش في السياسة بشكل مباشر؛ بل كان من الغريب أن يقحم جيش – في نظام ديمقراطي- نفسه في السياسة مبتعداً عن المهنية، و يخطر رئيس الحكومة علناً و بشكل مباشر، و ليس عن طريق وزير الدفاع، بما يجب أن يعمله لحل المشاكل الوطنية. تدهورت العلاقة بين الجيش و حكومة الصادق المهدي بعد توجيه الفريق فتحي أحمد علي القائد العام إنذاراً إلى الحكومة و طالبها بالاعتدال في مواقفها السياسية و رفع المعاناة عن كاهل المواطنين. رفض الصادق المهدي هذا التهديد و أصدر حزب الأمة[ ؟ ] بياناً أدان فيه مسلك القائد العام و تدخل الجيش في السياسة.[54] لكن نتيجة تلك المذكرة كانت رضوخ حكومة المهدي في نهاية المطاف للضغوط و إعلانها قبول اتفاقية السلام التي أبرمها الحزب الاتحادي الديمقراطي مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، و بطبيعة الحال كانت تلك الخطوة بداية النهاية لحكومة الصادق المهدي الديمقراطية.

انقلاب الحركة الإسلامية

في العام 1989 قامت الجبهة الإسلامية بانقلاب عسكري تحت اسم ثورة الإنقاذ الوطني، في بداية الانقلاب لم يكن معروفاً توجه الإنقلابيين السياسي ثم ظهرت الجبهة الإسلامية بزعامة حسن عبد الله الترابي من وراءه، و كنتيجة لسياسات الحكومة السودانية الجديدة فقد تردت علاقاتها الخارجية و تمت مقاطعة السودان و إيقاف المعونات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، و تم إدراجه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، و تعرضت البلاد في أغسطس 1998 لقصف أمريكي بصواريخ كروز. و تولي عمر البشير الحكم لمدة 30 عامًأ، حتى تمت الإطاحة به في 11 أبريل 2019 بعد احتجاجات عامة شملت البلاد و قام الجيش على إثرها بإزاحة البشير عن الحكم.

المرحلة الانتقالية من أبريل 2019

بعد موجة كبيرة من الاحتجاجات العامة ضد حكم البشير الذي امتد لثلاثين عامًا، قام الجيش في 11 أبريل 2019 بانقلاب عسكري أزاح فيه البشير عن السلطة، و أصدرت القوات المسلحة بيانًا أعلنت فيه اعتقال البشير و تشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة أحمد عوض بن عوف لقيادة البلاد لمدة عامين كما أعلنت فرضَ حالة الطوارئ 3 شهور في البلاد، وَ علّقت العملَ بالدستور الحالي إلى جانبِ حلّ كل من مجلس الوزراء، حكومات الولايات، المجالس التشريعية و كذا حظر التجوال لمدة شهر في عموم البلاد.[56][57] بالرغمِ من ذلك؛ استمرت الاحتجاجات طيلة اليوم التالي و طالبَ فيها المحتجّون بتنحية المجلس العسكري الانتقالي ككل وسطَ إصرارهِم على تشكيل حكومة انتقاليّة مدنية. في تمام الساعة 23:30 بتوقيت السودان (20:30 حسبَ توقيت غرينتش)؛ أعلن بن عوف تنازله عن رئاسة المجلس الانتقالي و عيّنَ المفتش العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان خلفًا له.

نظام الحكم

  • السلطة التنفيذية: شكل الحكم في السودان حسب إتفاقية السلام الشامل في عام 2005 م، يتكون من ثلاثة مستويات في السلطة:حكم مركزي رئاسي على رأسه رئيس الجمهورية الذي يمثل رأس الدولة و رئاسة الحكومة (مجلس الوزراء) في الوقت نفسه، و حكم إقليمي يمثله ولاة الولايات (وعددها 17 ولاية) و الحكومات الولائية، و حكم محلي يتمثل في المحليات المختلفة بالولايات (وعددها 176 محلية).
  • السلطة التشريعية: و تتمثل في برلمان مركزي يسمى المجلس التشريعي ثنائي المجلسين: المجلس الوطني و مجلس الولايات. و يتكون الأول من 349 عضواً في الوقت الراهن (كان يتكون من 450 عضواً قبل انفصال الجنوب، منهم 323 من حزب المؤتمر الوطني و ذلك قبل شطب النواب الجنوبيين و عددهم 101 عضواً منهم 99 من الحركة الشعبية) ومجالس تشريعية في الولايات.
  • السلطة القضائية: وتتكون من المحكمة العليا في المركز و بعض الولايات و محاكم الاستئناف و محاكم عامة، و محاكم ابتدائية يطلق عليها اسم المحاكم الجزئية من الدرجة الأولى و الدرجة الثانية و الدرجة الثالثة و المنتشرة في كافة الولايات المختلفة، و محاكم شعبية تسمى محاكم بالمدن و الأرياف تضم زعماء القبائل و تطبق العرف.[59][60][61]

الاقتصاد

السودان من الأقطار الشاسعة ذات الموارد الطبيعية المتنوعة كالأراضي الزراعية، و الثروة الحيوانية و المعدنية، و الغابات و الثروة السمكية و المياه العذبة. و يعتمد السودان اعتماداً رئيسياً على الزراعة حيث تمثل 80% من نشاط السكان إضافة للصناعة خاصة الصناعات التي تعتمد على الزراعة.

النفط في السودان

أنتج السودان الموحد النفط منذ التسعينات و كان الإنتاج في أغلبه من المناطق المحاذية للحدود الحالية بين دولتي السودان الحاليتين. و تمتع جنوب السودان بالسيطرة على معظم حقول الإنتاج منذ الانفصال في يوليو 2011. إلا أن السودان احتفظ بمنشآت التكرير و التصدير بالإضافة لخطوط الأنابيب الناقلة لموانئ البحر الأحمر.

أوقف جنوب السودان إنتاجه النفطي في يناير 2012 بعد فشله في الإتفاق مع الشمال على رسوم نقل النفط للتصدير و إتهامه لحكومة السودان بسرقة النفط.

استؤنف تصدير النفط في أبريل 2013 بعد التوصل لإتفاق مع الشمال إلا أن العديد من القضايا تظل عالقة بين البلدين و تهدد استدامة الاتفاق و استمرار التصدير. وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي يشكل النفط حوالي 57% من دخل حكومة السودان و 98% من دخل حكومة الجنوب في 2011.

يقدر الاحتياطي المؤكد للدولتين بخمسة مليارات برميل حتى الأول من يناير 2013 يقع معظمها في حقلي المجلد و ملوط المشتركين بين الدولتين. في حين يقدر احتياطي الغاز الطبيعي بـ 3 تريليون قدم مكعب إلا أن استخراج الغاز يتم بشكل محدود و يحرق معظمه في الهواء أو يعاد حقنه في الآبار و يقدر أن السودان قد أحرق حوالي 11.8 مليار قدم مكعب هدراً.

السكان

السودانيون هم مجموعات من القبائل العربية و الأفريقية و النوبية و البجا مع وجود أقليات تركية و مصرية و ليبية و غجرية (حلب) و أثيوبية و أريتيرية و هندية و تمثل 600 عرقية و قبيلة مختلفة.

التعداد السكاني بعد الانفصال

  • عدد السكان: 33.419.625 نسمة
  • عدد السكان مقارنة بدول العالم: الترتيب 35 عالمياً، 3 عربياً، 9 إفريقياً.
  • الزيادة في عدد السكان بين إحصاء عامي (1993 -2008م): 52%
  • تنوع الأعمار:
    • الفئة العمرية (0-14): 43.2%
    • الفئة العمرية (15-65): 53.4%
    • الفئة العمرية (+65): 3.4%
  • متوسط العمر الكلي: 59 سنة
    • رجال: 58 سنة
    • نساء: 61 سنة
  • معدل نمو السكان: 2.8%
  • الكثافة السكانية في كلم2:
    • (2-3) في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية.
    • (218 -230) في مناطق (العمل/ السافانا الغنية).
  • متوسط حجم الأسرة: 5 – 6 أشخاص
  • معدل الوفيات (لكل 1000): 16.7
    • رجال: 17.21
    • نساء: 16.3
  • معدل الهجرة: 0.29 / 1000
  • معدل التحضر: 32.9%
  • سكان الحضر: 49%
  • خدمات الصرف الصحي المحسن في الحضر: 55%
  • معدل وفيات الأمهات لكل مائة ألف حالة ولادة: 215 حالة وفاة
  • معدل وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات لكل مائة ألف ولادة حية: 105 حالة وفاة
  • معدل وفيات الرضع لكل مائة ألف ولادة حية: 71 حالة وفاة
  • معدل الخصوبة: 3.9%
  • معدل انتشار الإيدز: 0.67%[بحاجة لمصدر]

اللغات الأساسية

اللغة الرسمية و الرئيسية هي اللغة العربية بالإضافة إلى بعض اللغات المحلية التي تصل إلى أكثر من 300 لغة منها لغات البجا في شرق السودان و تشمل اللغة التجرية و البداويت و هذه تشمل (البني عامر[ ؟ ] و الهدندوة و الحلنقة و البشاريين والأمرار). و اللغات النوبية في شمال السودان من مدينة دنقلا و حتى مدينة أسوان في جنوب مصر و تشمل (الدنقلاوية و الحلفاوية). و لغات غرب السودان و منها الجور و الفلاتة، و الهوسا و الزغاوة و الفور و الداجو و المساليت. و تتفرع اللغة العربية إلى لهجات عدة منها لهجة الجعليين و البقارة[ ؟ ] و الشكرية و غيرهم.

الأديان

و يدين به 96% من السكان في ولايات السودان المختلفة، و أغلبهم يتبع مذاهب السنة و بشكل خاص المذهب المالكي. كما يشتهر السودان بوجود العديد من الطرق الصوفية مثل القادرية و السمانية و البرهانية و التيجانية و الطريقة الختمية بالإضافة إلى الطرق السودانية الصرفة مثل الأنصار، وصلت الهجرات الإسلامية السودان عن طريق مصر إلى الشمال و عبر البحر الأحمر إلى الشرق و من المغرب و شمال إفريقيا نحو الغرب، إلا أن هذه الهجرات لم تتوسع في جنوب السودان لوعورة الطرق و صعوبة الوصول إليه، يتواجد في مختلف المدن السودانية عدد من أتباع الشيعة الجعفرية الإثني عشرية و هم يعيشون في الخرطوم و أمدرمان و بورتسودان و شندي و أبوزبد و غيرها.

المسيحية

و يدين بها حوالي 4% من السكان و تتوزع على أقليات صغيرة من أتباع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية و الإثيوبية و الأرمنية و بعض الكاثوليك و البروتستانت و أتباع الكنيسة الإنجيلية. و يتمركز المسيحيون في مدن مثل الخرطوم و القضارف و الأبيض.

بتصرف عن الرابط : https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى