نظرات مشرقة

في فلسطين اليسار العربي مخطأ

بقلم عفاف عنيبة

 

“أكثر من أي وقت مضى الخيار اليوم و غدًا بالنسبة للأجيال الجديدة و الجادة من القادة السياسيين في المنطقة و في أوروبا و العالم هو بين حل نتنياهو الذي يقود كل شعوب المنطقة إلى الهاوية و حل مانديلا الوحيد القادر على قيادتها لبر السلام.

آهِ كيف و هل هذا أصلًا ممكن في ضوء موجة الكراهية بين الشعبين و توسعها لشعوب المنطقة؟ من أين لنا مانديلا آخر؟ و هل ثمة بين الإسرائيليين عاقل مثل دوكلارك الذي أنقذ البيض في جنوب أفريقيا من كارثة الكوارث؟… إلخ، إلخ.

آن الأوان للتفكير في مؤتمر “بازل 2” أو أي مؤتمر آخر يجمع الفلسطينيين و الإسرائيليين و أصدقاءهم الحقيقيين للبحث في كل هذه المسائل و التفحص الهادئ البعيد عن صخب المعارك الآنية لصعوبات و مشاكل وتحديات الخيار، و ما هي إستراتيجيات الدعوة و التمكين له؟.. على أمل ألا يكون السيف قد سبق العذل و أن التاريخ لم يتخذ الطريق المرعب الذي يمشي فيه المتطرفون بمزيج من الغباء و الحقد و نحن لم ننتبه.”*

المصدر : https://www.aljazeera.net/opinions/2025/7/1/%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%88%d9%8a%d9%84
ما قفز عليه الرئيس السابق لتونس الدكتور مرزوقي في مقاربته لطبيعة الصراع بيننا و بين بنو صهيون مهم جدا و يتمثل في :
الخطاب القرآني واضح وضوح الشمس “ألد أعداء الله و رسوله عليه الصلاة و السلام هم اليهود” هذا و الحركة الصهيونية موغلة في عنصريتها و ليس لديها أدني إعتبار لآدميتنا و كان الأحري بالدكتور مرزوقي مراجعة كتاب النائب الأمريكي السابق عن لويزيانا السيد دافيد ديوك بعنوان “الجذور التلمودية للإستعلاء اليهودي”فهؤلاء اليهود  لا فرق سياسيا بين يمين يسار و وسط، فهم كلهم علي قلب رجل واحد، فلسطين أرضهم و لا مجال للتفريط في شبر واحد منها لغير اليهود.
فكرة التعايش بين المحتل و المعتدي عليه، فكرة شيطانية، و تجاهل الدكتور المرزوقي لحقيقة أن الإسلام من يرث الأرض و ما عليها، فخاتم الديانات الإسلام و ليس اليهودية المحرفة. طبعا حامل الفكر اليساري لن يعبأ بالبعد الديني الشامل لكل مناحي الحياة و لن يتعاطي مع سنة التدافع.
هذا و الصهيونية بنيت علي المجازر و الإبادة الجماعية و رفض الطابع الإسلامي للحكم، فكيف القبول بالتعايش مع قوم ينكرون علينا ديننا و وجودنا في أرضنا ؟ هذا و إن قبلنا ببقاء يهود في فلسطين، الفئة المعنية بذلك هي الفئة التي تواجدت في فلسطين قبل ضمها إلي الدولة العثمانية.
بأي حال من الأحوال لن تستقيم أوضاع العالم العربي الإسلامي إن لم نحرر أرضنا كاملة أي كل فلسطين، فلا مجال للتعايش مع يهود كل همهم القضاء علينا كدين و بشر، فهم يكيدون لنا منذ فجر الإنسانية و لن يتوقفوا و أما التهديد النووي فهو سيف مسلط علي رؤوس الصهاينة أولا قبل رؤوسنا، فرقعة الأرض المسماة فلسطين ضيقة و بقية الشام مساحة محدودة أي تفجير نووي فيها سيطال كل المنطقة و أبعد منها.
و يهود اليوم ليسوا علي إستعداد للإنتحار، كيفية مناقشة ما هو الحل في فلسطين لا يجب أن ترتكز علي أمر واقع قاهر، فبيدنا نحن تغيير و قلب المعادلة رأسا علي عقب.
العالم الإسلامي كتلة إن وحدت صفوفها و غادرت دائرة التخلف و رسمت لنفسها إستراتيجية نهوض و تصدي لبنو صهيون و داعميهم، قادرين علي رسم معالم عالم أكثر توازنا و لن أقول أكثر عدلا.
الأمر الواقع قد بينت الصواريخ الإيرانية محدوديته، فبنو صهيون لم يكن بوسعهم إحتمال حرب طويلة المدي، و ما رأيناه علي مدي عامين من العدوان علي جزء من فلسطين أثبت لنا قدرة المقاومة علي توجيه ضربات موجعة لجيش العدو.
من جهة أخري فقد تبين لنا مدي الإنقسام في الصف الفلسطيني، فعرب 48 إكتفوا بالتفرج علي معاناة إخوانهم و لم يقودوا عمليات فدائية نوعية في الجليل الأعلي أو صحراء النقب، هذا دون ذكر الجمود الذي يكتنف الضفة.
أقولها بوضوح إن بقينا حبيسي إرادة الشعب الفلسطيني المنقسم لن نتقدم خطوة واحدة إلي الأمام.
نحن نمتلك العديد من الأوراق لكننا لا نفعلها لأن الأنظمة العربية موجودة بمباركة بنو صهيون و واشنطن فمن دون الغطاء الغربي لن يبقي ملك أو أمير أسبوع واحد في كرسيه بشهادة الرئيس ترامب.
فالأزمة السياسية عميقة في عالمنا العربي الإسلامي، نحن كثيرا ما نبرأ الشعوب من مسؤولية التردي الرهيب بينما لسان الواقع يقول أن جزء كبير من هذه الشعوب تساير أنظمتها و ترفض دفع فاتورة التغيير.
الحل ليس في قبول الظلم و منح الشرعية لظالم محتل، و الدعوة للتعايش معه. فمثل هذه الرؤية الإستسلامية بمثابة الإنتحار.
فلسطين تسترد بخطة حضارية هجومية لا مكان فيها لمنطق رابح رابح، بيننا و بين اليهود الصهاينة لغة القوة النارية، غير ذلك فنحن نكذب علي أنفسنا. لازلنا بعيدين عن مقومات الإستقلال الحضاري و لازلنا نقف عاجزين أمام المشروع الصهيوني الذي يعمل ليل نهار علي إستعبادنا. هذا و البنية الذهنية للشعوب و النخب تعتمد الفردانية و لا ترنو إلي الضمير الجمعي الذي يفعل الوجود الحضاري.
فالمطلوب : كيف نواجه صهيونية تتحكم في عالم ما بعد العولمة و ما هي مفاتيح الإنعتاق من الجمود و السلبية و الشعور بالدونية ؟ فلا بد من تحرير انفسنا من سطوة الغزو الحضاري قبل تحرير فلسطين، كل فلسطين.
*مقتطف من مقالة الدكتور السيد منصف المرزوقي بعنوان “إسرائيل : قراءة الزمن الطويل.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى