مع قلم الأستاذة كريمة عمراوي

حاطب ليل

بقلم الأستاذة كريمة عمراوي

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، و على آله و صحبه و سلم و بعد:

إيّاك أن تقضي حياتك و أنت تلتقط الساقط من كل أمر، و تلتقط الباطل و التافه مع كثرة التعب، و خطورة المسالك، فتعيش حياة ضنكى، و لاتفلح ، كحاطب خرج ليلا يلتقط بدل الحطب الجيّد؛ العيدان و الأشواك و الغثاء، فهو في مشقة، و في تعب و نصب، و نهاية مخزية و خذلان.

احذر الإسرائيليات الجديدة في نفثات المستشرقين؛ من يهود و نصارى، فهي أشدّ نكاية، و أعظم خطرا من الإسرائيليات القديمة، فإن هذه قد وضح أمرها؛ ببيان النبي صلى الله عليه و سلم الموقف منها؛ و نشر العلماء القول فيها، أمّا الجديدة فهي أفكار دخيلة تتعلّق بالمعاملات، و منها ما يتعلّق بالعبادات

و ما جاءتنا الفتنة و الشر و البلاء إلاّ عندما ترك الناس مذهب السلف، و أخذوا مناهجهم من الشرق و الغرب، و أخذوا من الفلاسفة، و أهل الكلام، و أعجبتهم آراء الرجال و عقولهم، لأنهم زخرفوها، بعض المتأخرين الذين درسوا علم النفس، وبعض العلوم الحديثة يزهدون في كتب السلف، و يقولون كتب صفراء، و العتيق في الدين ممدوح، بعكس الدنيا.

لا تجعل قلبك ك الإسفنجة، تسمع كل شيء، تقرأ كل شيء، فالشبه خطّافة و القلوب ضعيفة.

على المسلم أن يكون فقيها بنفسه، فقيها بالله، فقيها بدينه، لا يسعى إلاّ وراء ما ينفعه و يقدر عليه.

الإنسان يتأمل جهوده أين وضعها، في خير و حسنات، أم في شر و شبهات، عليه أن يصدق مع نفسه.

يقرأ ما تنفعه قراءته، يجلس في المجالس التي ينتفع بها، يصاحب من تنفعه مصاحبته.

العلماء و الحكماء بماذا اكتسبوا العقل و الحكمة؟ بتميزهم في دخولهم و خروجهم و كلامهم، اجتنبوا الشبه، لا يخالطون كل أحد، لا يجلسون في كل المجالس، صانوا أنفسهم عن كل ما لا يجر خيرا، فكما قال النبي صلى الله عليه و سلم:( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) كذلك من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليعمل خيرا أو لا يعمل.

بعض الناس يكون ولاّجا خراجا، اليوم تجده مع شيخ أو كتاب أو مواقف أو أصحاب غدا يخرج من كل ما كان عليه ولاّجا في أحوالا و علاقات أخرى، مرة تجده متشددا في مواقفه، ومرة متميعا، ليس له قاعدة يبني عليها حياته، لا يستقر على رأي، تجده نهّابا يأخذ من هذا ومن هذا، إنّها آفة عظيمة، و الواجب على الإنسان أن يكون مختارا لما هو أنسب له في العلم و الدين و الدنيا، ويستمر عليه، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:” من بورك له في شيء فليلزمه” وهذه في الحقيقة  قاعدة لمنهاج المسلم ينبغي أن يسير عليها، من برك له في شيء فليلزمه، ويستمر عليه، حتى لا تتقطّع أوقاته، يوما هنا و يوما هناك.

هذا و الله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى