نظرات مشرقةيهمكم

كيف نكون مثاليين و واقعيين في آن؟

بقلم عفاف عنيبة

“يكسب أصحاب الطرح المثالي الكثير من ثقة الناس لأنهم يرون فيهم حراساً للقيم و الفضائل، و أشخاصاً أقرب إلى الاستقامة و النزاهة- و أكثر المثاليين كذلك- لكن مشكلة المثاليين أنهم غير عمليين، فهم كثيراً ما يطلبون من غيرهم أن يفعلوا أشياء، هم أنفسهم عاجزون عن القيام بها.

ثم إن تجاهل الواقع و طرح حلول لا تلامس تطلعات الناس و إمكاناتهم، ليس له من عاقبة سوى التجاهل و التبدد.

المثاليون أيضاً كثيراً ما يكونون عاجزين عن تطوير أفكارهم و طروحاتهم بسبب عدم انفتاحهم بشكل كافٍ على الواقع.

إن الانفتاح على الواقع هو أكبر مصدر لتجديد  الوعي و الفكر، و ابتكار حلول جديدة.”

فقرة للدكتور عبد الكريم بكار *

نعم المثاليون من المسلمين منقطعون عن الواقع و يريدون إسقاط عصر رسول الحق عليه و علي آله الصلاة و السلام علي واقعنا المعقد اليوم ، بينما ظروف اليوم ليست ظروف زمن النبوة و حلول الأمس لا تصلح لمشاكل اليوم. و الطرح المثالي رأيناه لدي العديد من الإسلاميين، يناقض أفعالهم و لا ينطبق بأي حال من الأحوال علي أوضاع الناس اليوم.

كيف نخاطب بواقعية جماهير بعضها لا يملك مصحف القرآن الكريم في بيته ؟

كيف ندعوهم للإلتزام بأخلاق الإسلام و مقاومة إغراءات حياة مادية زائفة ؟

كيف نقنعهم بالسلوك الإسلامي الراقي و هم لا يرون نماذج حية في يومياتهم ؟

كيف نحل مشاكل تولدت عن فراغ روحي و إنصراف عن تعاليم الدين ؟

كيف نجد مخارج شرعية لأحوال ناتجة عن أنماط معيشة علمانية لا تعرف ضوابط شرعية و لا نواهي الدين الحنيف ؟

فإنسان 1446 ليس إنسان العام الهجري الأول، و ما يفرق بينهما البعد الزماني الهائل عن عصر النبوة و نهج آل البيت الأطهار و خلفاءه الراشدون و أتباع الصحابة.

فاليوم الإنسان المسلم محاصر من كل الجهات بحضارة مادية كافرة غازية لا تعرف لغزوها حدود و تولد أجيال لا تحمل من الإسلام إلا الإسم و لكنها لا تملك بوصلة المرجعية الصحيحة التي تهتدي بها في محيط هائج.

هذا و الحرب المعلنة من انظمة الحكم علي الإسلام كدين و دولة فاقم إغتراب المسلم في مجتمعات تعيش حياة فيزيائية بحتة.

إحدي المسائل التي اوليت لها الأهمية القصوي : كيف أعيش ديني بعيدا عن سطوة حضارة غازية لم نستوعب إلا مظاهرها اللاأخلاقية. كان يهمني منذ صغري السير علي درب الحق أي كانت التحديات و أي كانت ضغوط حياة مادية أوقعت في فخاخها الكثيرين من المسلمين. و حاولت عبر كتاباتي نقل جوهر ما أتي به ديننا من مباديء و قيم و أخلاق، فلم أنزعج من حكم الناس علي ممن رأوا في نهجي صرامة قاسية و زهد لا يتماشي و متطلبات العيش الإستهلاكي.

لم أطرح نفسي كقدوة إنما إجتهدت لأرضي ربي بما اقدر في مجاهدة مظاهر التغريب و العيش وفق منظور ديننا السامي، فرحلة الحياة قصيرة و مرضاة الله الهدف الذي يتعين علينا جميعا السعي إليه بروح منفتحة دون تفريط أو إفراط.

 

*https://drbakkar.com/2022/12/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ab%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%86/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى