
من أيام، تفاجأت بأوراق جديدة بعد طول إحتباس لنبتة متسلقة وضعتها في المكتبة، مشهدها ذكرني بدروس العلوم الطبيعية في متوسطة شكيب ارسلان و كيف علمنا أستاذي الفرنسي الجنسية أنواع التربة التي تحبذها بعض النباتات. فالنبتة تتأقلم مع التربة التي تنمو فيها و هكذا تمكن الغزيين بالرغم من الحصار المضروب عليهم و عامين من العدوان المدمر أن يغرسوا شتلات أنقذوها من القصف علي مشارف خيامهم و بعون الله كبرت جذور و بذور الخضار و هكذا تزود بعض الفلسطينيين بما يسد رمقهم و يسكت الجوع.
فالأرض لا تموت أي كانت همجية الإنسان و سوء تقديره للدور المنوط بها. خلق الله كل شيء بميزان و سن سنن بإحترامنا لها نعيش و نزدهر. فمنظر الأوراق الخضراء الغضة و هي تكبر يوم بعد يوم أعادني إلي معجزة الخلق و قدرة الله الجبارة في الصنع و التركيب و قد سخر لنا كل أسباب البقاء و للأسف يعتري موقفنا الكثير من اللامبالاة و الإهمال و اللامسؤولية.
أذكر أنني في سنوات الطفولة كنت شغوفة بكل ما هو أزهار و نباتات، كنت أسجل أسماء أزهار الحديقة و أبحث عن جذورها في القواميس و أجمع الأوراق في كراسة، ألصقها و أضع لها إسم و أدون مواصفاتها و كلما كانت تمتلأ كراستي كنت أعرضها علي والدتي الكريمة و صديقات الطفولة، سعيدة بهوايتي تلك. قضت حكمة الله أن نستخرج من الطبيعة كل ما هو صالح لوجودنا. و الذي وطد علاقتي بالعالم الأخضر كانت السنوات الثلاث التي قضيتها في أندونيسيا حيث أمضيت وقت ممتع في إكتشاف أزهار و أشجار ونباتات و تعلمت العيش مع هذه الكائنات الحية و خير من علمني ذلك كان الشعب الأندونيسي.