
بالنسبة للمفكر الراحل مالك بن نبي الحضارة ليست مجرد بناء مادي، و إنما هي ثمرة توازن بين الروح و العقل، و يبدأ بناءها من الإنسان المتوازن و الفعّال الذي يتمتع بأفكار قوية و مبدأ أساسي يوجهه.*
الفقر الحقيقي:
“الفقر الحقيقي ليس في قلة الموارد التي يزخر بها عالمنا العربي، و إنما في فقر الأفكار و ضعف أدوات الإبداع”*
و بالرجوع إلي ما جاء في الأعلي، فنحن علي يقين بأن العالم العربي الإسلامي اليوم لا يتوفر علي شروط الديمومة الحضارية.
فهو إلي حد الساعة و بعد جلاء قوات الإحتلال الصوري عنه إنتقل من تبعية عسكرية إلي الغزاة إلي تبعية حضارية إلي غرب مادي لاديني، فهو سوق إستهلاكي ضخم لأمم الشمال و في المجمل يستهلك كل ما لا ينتجه لإفتقاره لأسباب المناعة الحضارية و الحصانة الأخلاقية.
فهو يسبح في عالم من رسم فضاءه و محتواه لا يؤمن بالله و لا بشرعه الحكيم.
فالمسلم مستلب بالمولد و ليس بالفطرة فهو عند ولادته يجد نفسه في عالم مسلوب الإرادة، قيد نفسه ضمن ذهنية المغلوب علي أمره، و حتي إن وقع تململ في المجتمعات المسلمة، فذلك التململ الإجتماعي نراه يتحرك في إطار ذهنية مركبة لا تمت بصلة لجذوره و عقيدته الإسلامية.
هذا و إن تحركت إحدي الأقاليم المسلمة ساعية إلي تطور علمي و معرفي، سنلاحظ أن مسعاها ذاك يكتسي قالب غربي بحت، فنحن نبحث مثلا في الذكاء الإصطناعي متجاهلين تماما أن فكرة إختراع هذا الذكاء نابعة من عقل غربي غير مؤمن ثم لماذا إعتماد هذا الإختراع ؟ هل لتلبية إحتياجات و لكن لا نسئل في نفس الوقت لماذا تولدت لنا مثل هذه الإحتياجات لنلجأ إلي معالجتها بالذكاء الإصطناعي ؟
مشكلتنا كامنة أننا نريد تطور و تقدم وفق معايير الغرب اللاديني و كيف نتطور و نحن لا نملك الإنسان المؤمن الفاعل في محيطه الصغير و الكبير ؟
فمجتمعانا تنخرها آفات الإنحلال الأخلاقي المريع و هل تقوم الحضارة علي أفراد و جماعات فاقدين للمناعة العقائدية و الأخلاقية، مفعول بهم و غير فاعلين ؟
طبعا لا.
و السؤال الأهم : كيف يتسني لنا التطور و التقدم في ظل إستبداد و فساد عصابات تتحكم في مصيرنا علي مستوي الحكم ؟
* عن الأستاذ الراحل مالك بن نبي رحمه الله