هذه الأرض – أرض الرسالات و الدماء الزكية – ما خضعت يومًا لغازٍ و لا ركعت لمحتل
بقلم الأستاذ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﺤﺎﺝ
منذ أسبوع واحد
0 77 2 دقائق
الحقيقة المُرّة: العدوان الإسرائيلي مستمر على غزة و الضفة و لبنان و سوريا و لن يتوقف
كتب/عبدالله صالح الحاج–اليمن
لم يعد العدوان الإسرائيلي مجرد حدث عابر أو تصعيد محدود يمكن تداركه ببيانات الإدانة والتنديد. ما نشهده اليوم هو حرب ممنهجة ومفتوحة على الأمة كلها، تمتد جذوتها من غزة إلى الضفة الغربية، وتمر بلبنان وسوريا، لتؤكد أن الكيان الصهيوني لا يعرف سوى منطق النار و الدمار.
الحقيقة التي يرفض العالم الاعتراف بها: إسرائيل لم تتوقف يومًا عن عدوانها، بل غيرت أدواتها وأساليبها. من قصف المنازل على رؤوس أصحابها في غزة، إلى الاغتيالات الميدانية في جنين ونابلس، إلى الغارات الجوية في ضواحي بيروت ودمشق — كل ذلك تحت مظلة مشروع واحد: استئصال المقاومة من جذورها وإسكات كل صوت يرفض الخضوع.
هذا العدوان ليس مجرد رد عسكري أو عملية محدودة كما يحاول الإعلام الغربي تصويره، بل هو عقيدة صهيونية ترى في القتل وسيلة للبقاء. إسرائيل اليوم تمارس إرهاب الدولة العاري، تقتل بلا حساب، وتستقوي بصمت دولي منحها رخصة مفتوحة للدمار منذ عقود، حتى أصبحت الإنسانية في أعينهم مجرد شعار يُرفع في المؤتمرات ويُدفن في الميدان.
الأخطر من ذلك هو الدعم والتهديد المصاحب لكل عدوان من واشنطن، التي تمول وتغطّي سياسات القتل وتضغط سياسيًا ودبلوماسيًا لصالح استمرار آلة الحرب، مستخدمة ذرائع القضاء على المقاومة وتدمير سلاحها كغطاء أخلاقي لتبرير القتل والدمار. المقاومة، طالما رفضت تسليم سلاحها، تصبح سببًا كافيًا لاستمرار الحصار والاغتيالات والغارات التي تُوقع الضحايا في صفوف المدنيين.
والمصيبة الكبرى أن حكام الأنظمة العربية المتصهينة والمطبعة يُصرّون على ضرورة نزع سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، في ظل العدوان الصهيو–أمريكي على الأمة. المطالبة بنزع السلاح في هذه اللحظة ليست مجرد خطأ استراتيجي، بل خيانة لمبدأ الدفاع عن الأمة وفتح الطريق لتجريد الدول العربية والإسلامية من قدرتها الدفاعية، مما يسهل تحويل المنطقة إلى شرق أوسط منزوع السلاح، تحت هيمنة المشروع الاستعماري.
العرب الرسميون، بين صمت يُدينهم وتطبيع يُهينهم، يقفون متفرجين على أطفال غزة المقتولين، وبيوت الضفة المهدمة، وصرخات الجنوب اللبناني، وسماء دمشق المشتعلة، كأنهم ينتظرون دورهم في قائمة الأهداف القادمة. فهم يدركون أن نار الاحتلال لا تعرف حدودًا، ومن يبارك الظلم اليوم سيكتوي به غدًا.
إسرائيل تحارب الجميع اليوم، لكنها تخسر جوهرًا. كلما اشتدت نيرانها، ازداد وعي الشعوب، وتوحّدت مشاعر الأمة حول فلسطين. لقد فشلت آلة القتل في كسر إرادة المقاومة، وفشل الحصار في إسكات صوت المقهورين. وما زال الفلسطيني يحمل على كتفيه قضية الأمة كلها، يصمد بالنيابة عن مليار ونصف مسلم، ويقاوم باسم كرامة مشتركة لا تموت.
استمرار العدوان ليس دليل قوة، بل دليل عجز وخوف. إسرائيل تعيش قلق الوجود لا نشوة الانتصار، وتدرك أن الزمن تغيّر، وأن حلفاءها يتساقطون واحدًا تلو الآخر. حتى واشنطن، التي تمدها بالسلاح والغطاء السياسي، تدرك أن هذا الكيان أصبح عبئًا استراتيجيًا أكثر من كونه ورقة نفوذ.
الحقيقة المُرّة التي يجب قولها بوضوح: هذا العدوان لن يتوقف لأن المشروع الصهيوني قائم على العدوان نفسه. فلا أمن لإسرائيل إلا بزوال المقاومة، ولا سلام في المنطقة إلا بزوال الاحتلال. وما دام هناك احتلال، فالنار مشتعلة، والدم لن يتوقف، والمقاومة باقية ما بقي الليل والنهار.
ستبقى غزة والضفة ولبنان وسوريا عنوان المعركة الكبرى بين مشروع يريد للأمة أن تركع، ومشروع قرآني–إيماني ينهض من تحت الركام ليقول للعالم: هنا أرض وشعوب لا تُسلم ولا تُركع.
وهنا أرض وشعوب لا تُسلّم ولا تُركع، مهما طال العدوان وتكاثفت غيوم المؤامرة الصهيو–أمريكية، ومهما تعالت أصوات التهديد والابتزاز السياسي والعسكري. المقاومة ليست بندقية فحسب، بل عقيدة راسخة وإرادة أمة لا تقبل الخضوع. ولئن اجتمعت قوى الشر من تل أبيب إلى واشنطن مرورًا بالعواصم المطبّعة، فلن تنكسر عزيمة الشعوب الحرة التي آمنت أن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع انتزاعًا.
يريدون شرقًا أوسطًا منزوع السلاح… ونحن نريده محررًا من الاحتلال والوصاية. يريدون إخماد صوت المقاومة… ونحن نريده صدىً يملأ الآفاق، ونصرة لغزة والشعب الفلسطيني وكل من يقاوم في وجه هذا الطغيان.
هذه الأرض – أرض الرسالات والدماء الزكية – ما خضعت يومًا لغازٍ ولا ركعت لمحتل، وستظل تُنجب رجالًا يحملون السلاح والكرامة معًا. وهنا… أرض وشعوب لا تُسلّم ولا تُركع.