نظرات مشرقةيهمكم

الأدوات الجديدة القديمة في محاربة أمريكا للدول التي لا تنصاع لهيمنتها

بقلم عفاف عنيبة

 

هزمتْ الولايات المتحدةُ و الغربُ الصهيونيُّ، بوجه عام، العالمَ العربيَّ الإسلامي منذ صعودهما الحضاري.

نحن منهزمون…

كيف؟

نرتدي الجينزَ الأمريكيَّ، و نقتني أدواتِ الاستهلاكِ الغربيَّةَ التي اخترعها العقلُ الغربيُّ (من التلفاز و الثلاجة إلى الإنترنت و شبكات التواصل الاجتماعي).

أنماطُ حياتنا غربيةٌ صرفة، و علاقاتنا الاجتماعية ماديةٌ بحتة. لقد اندثرت صِلةُ الرحمِ في حياتنا؛ يموت المسلمُ شيخوخةً وحيدًا في بيته، و تتعفّن جثته لأنّ أحدًا لا يدفنه فورًا لضعف الروابط الأسرية، و البنتُ تخرج من بيت أبيها في التاسعة عشرة لتقيم مع صديقةٍ أو مع من تختاره.

لا ينبغي أن نخدع أنفسنا: نحن منهزمون قيمياً و مادياً.

لكنّ الغربَ الصهيونيّ يريد لنا هزيمةً من نوعٍ آخر تضمن به هزيمةَ المسلمين بشكلٍ كليٍّ ــ فلا تقوم لنا قيامة.

و قد تمت الهزيمةُ الأولىُ بأيدي أبناء جلدتنا من عملاء الغرب الصهيوني الإنجيلي، الذين فرضوا علينا مراكمة أدواتِ الحضارةِ الغربيةِ و لادينية الأخلاق.

أذكّركم أن القيادةَ الجزائريةَ تُعاقب بالسجنِ 11 سنةً كلَّ من يقوم بهدم تمثال امرأةٍ عاريةٍ في عاصمة ولاية سطيف ؛ فتُجبر القيادةُ السياسيةُ الجزائريّةُ مواطنيها على رؤيةَ عورةِ امرأةٍ عاريةٍ تمامًا. فكيف سينصرنا اللهُ تعالى بقيادةٍ سياسيةٍ من هذا النوع ؟

نعود إلى النوعِ الثاني من الهزيمةِ التي يعملُ لها الغربُ الصهيونيُّ حثيثا :

تحارب أمريكا الجزائر… لكنّ حربَ أمريكا على الجزائر، على سبيل المثال، لا تعني بالضرورة أنها تسعى إلى الإطاحةِ بالنظام القائم. فبحسب تصريح رئيسة الاستخبارات الأمريكية، تخلّت الإدارة الأمريكية عن مبدأ الإطاحة بالأنظمة السياسية التي لا تروق لها — مبدأٌ مارسته من إيران إلى تشيلي — و أصبحت متمسكةً أكثر بالقيادات السياسية العلمانية الحالية في بعض الدول، كيف لا؟ فهؤلاء الذين يحكمون الجزائر اليوم من أشد أعداء الشريعة الإسلامية و نظام الحكم الشرعي؛ فكيف ستتخلى عنهم الإدارة الأمريكية؟

إنما ستضغط عليهم بطرقٍ عدة لِيُطبِعوا مع العدوِّ الصهيوني، و لِيَتنازلوا في ملفات تهمُّ الاقتصادَ الأمريكي. ستلعب أمريكا ورقةَ المساومة مع النظام الجزائري في ملفاتٍ حسّاسةٍ له، هذا كلُّ ما في الأمر.

فحِرصُ الغرب على أمن الجزائر و بقائها داخلَ حدودها الحالية كبيرٌ جدًا، لأنّ في أوروبا رجالًا و نساءً أوربيين يكرهونَ الجزائريين و لا يريدون زعزعةَ الأوضاعِ في الجزائر خوفًا من موجاتِ هجرةٍ غيرِ شرعيةٍ عبر القوارب، و يرفضون منحَ الجزائريين حقَّ اللجوء السياسي. و قد عبّر جان ماري لوبان حينها عن استهجانه لهروب بعض الجزائريين إلى فرنسا بعد نتائج انتخابات 1990 الدور الأول، قائلاً: «ألستم أنتم من حاربتم فرنسا سبع سنوات و نصف؟ فلماذا تهربون إلينا؟»

غاب عن جان ماري لوبان أنّ القادة الذين حاربوا فرنسا كانوا أشدَّ علمانيةً منه و من أشدِّ أعداءِ الشريعة، و الدليل أنهم لم يحكموا بها و أظهروا فسادًا لا مثيل له طوال حكمهم للجزائر، و لا يزال الفسادُ سائداً حتى اليوم. لستُ ممن يعتقد أن مكافحةَ الفساد تكون بدون تطبيق الشريعة الإسلامية ؛ من يسرق و يغتصب مالَ الشعب تُقطع يده لا يسجن.

إذن، أدواتُ حربِ الغرب علينا ليست كما يفهمها العامة.

لا بد من التذكير: إعترفت الجزائرُ بحقِّ اليهود الصهاينة في احتلالِ فلسطين 1948، و تطالبهم بفتاتِ فلسطين 1967.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى