4 سبات الشعوب من مصر إلي المغرب الأقصي و سياستنا الخارجية الكارثية و سؤال آخر …
بقلم عفاف عنيبة

تكملة لم جاء سابقا :
اتصلتُ هذه الأمسية بخبيرةٍ في شؤون العلاقات بين الغرب والعالم العربي الإسلامي؛ و هي من معالم العلوم السياسية في الجزائر، غير معروفةٍ إعلاميًّا و لا لدى الجمهور الواسع، و من يعرفها هم دوائر القرار في الغرب و الجزائر.
أقول :
السباتُ العميق الذي يرقد فيه الشعبان المصري و المغربي مثلًا دليلٌ قاطع على أن إرهاصات الثورة على فساد و استبداد الأنظمة لا تزال حلمًا بعيد المنال…
فما جرى في يناير 2011 في مصر و تونس كان تململَ واضح المعالم، أفضى إلى فوضى و بدايةِ خروجٍ من عنق الزجاجة، لكنّ الثوراتِ المضادّة أجهضت ذلك الخروج…
و تسيّد المشهدَ نظامٌ ملكيٌّ صهيونيٌّ فاسد في المغرب الأقصى، و نظامٌ عسكريٌّ دمويٌّ في مصر. و اليوم في كلا البلدين لا تسمع شعوبُهما أصواتَ المعارضة في الخارج لسببٍ بسيط: الجميع وقّع على صفقة فاوست، أي باعوا أنفسهم للشيطان مقابل الخبز و الماء و الأمن المزيّف فقط… و لهذا فشروط النهضة السليمة مستبعدة، و الظروف القائمة في البلدين ليست سوى مظاهرَ تطوّرٍ ماديٍّ مقلَّدٍ عن الغرب، لا تعبّر عن أصالة الإسلام بل عن أصالة الفراعنة الكافرة و يهوديةٍ مغربيةٍ كافرة.
لماذا خضع الجميع لمنطق الاستقرار المزيّف؟
لأنّ من قادوا الانتفاضات الشعبية عام 2011 لم يكونوا يملكون النضجَ الحضاريّ الكافي للاتفاق على نموذج مشروع نهضةٍ موحّدٍ جامع، فانفرط العقد و ساد منطق: أنا و بعدي الطوفان…
أما السياسة الخارجية الكارثية للرئيس تبّون، فأقلّ ما توصف به أنها لا تستند إلى رؤيةٍ استراتيجيةٍ بعيدة المدى. و اليوم أقرأ تطابقًا تامًّا في المواقف و الرؤى بين مصر و الجزائر، نتيجة زيارة وزير الخارجية المصري إلى الجزائر… فماذا بقي؟
فلتُطبّع الجزائر إذًا، و تضعْ حدًّا لوجع الرأس الذي أصابنا نتيجة سياستها الخارجية.
ما الفرق بين مصر و بني صهيون؟ فكيف، بربّكم، تتطابق الرؤى و المواقف بين الجزائر و مصر؟
لكنني تذكّرتُ في اللحظة عنصرًا هامًّا جدًّا يفسّر هذا الموقف العجيب الغريب للجزائر من مصر: إنّ دولة الجزائر علمانية، تناصب العداءَ كلَّ العداء للشريعة الإسلامية، و لا تحكم شرع الله في سياستها الخارجية.
طيب، لنلتفت إلى بقية ملفات سياستنا الخارجية:
عداءٌ مع فرنسا “حبيبة الجزائر”،
عداءٌ متبادل بين دول الساحل،
و لن أتكلم عن العداء للنظام الصهيوني المغربي،
الأوضاع متأزمة في ليبيا، و لم ينجح الجوار الجزائري في عقد اجتماع جديد لدول المغرب الكبير،
الموقف من موريتانيا إيجابيٌّ و غير إيجابيٍّ في آنٍ واحد،
العلاقة مع الاتحاد الأوروبي على حبلٍ رقيق،
العلاقة مع روسيا مضطربة،
العلاقة مع “الشيطان الأكبر” مدٌّ و جزر،
و انضمامُنا المتأخر لرابطة دول جنوب شرق آسيا.
فكيف نُشخّص مثل هذه السياسة الخارجية؟
هذا، و الوزيرُ الأول الفرنسي الجديد استمع لمطلب اليمين القومي الفرنسي و طالب بمراجعة اتفاقية ثمانية و ستين،
و لا نزال نقرأ و نسمع في الإعلام الجزائري عن “نجاحات” سياستنا الخارجية… أسأل: في ماذا؟
و السؤال الآخر، الذي سأبلور الإجابة عنه في مقالة لاحقة إن شاء الله…
كيف و من سيتولي مهمة الإنقاذ ؟