
الأنظمة الحاكمة لا تريد سماع مثل هذا التصريح البسيط و الخطير في آنٍ واحد: «لا شيء على ما يرام».
فالخطاب الرسمي في بلداننا لا يخرج عن هذه النغمة المكرّرة:
«نحن نتطور، لقد تعلّمنا من احتجاجات شعوبنا، و نعرف ما يريده المواطن و ما لا يرغب فيه.»
لكنّ مثل هذا الخطاب المطمئن لا يعدو أن يكون غطاءً لحقائق مُرّة:
ليس كلّ أفراد الشعب يصدّقونه، و مقاومة الفاسدين و المفسدين ما تزال شرسة.
ثم إنّ الفساد لا يُحارب بالمفسدين، و لا بالإبقاء على أشخاصٍ شاركوا، بشكلٍ أو بآخر، في نسج شبكته.
لقد أثبت الزمن الذي نعيشه أن القوة المادية وحدها – كقوة أمريكا أو روسيا أو الصين – لا تصنع مجدًا، و لا تضمن احترامًا. فالقوة الطاغية تخلق أعداءها بنفسها، و تستجلب الكراهية بدل الاحترام، لأنها تفرض بالقهر ما يُفترض أن يُكتسب بالعدل و الروح.
إنّ خطاب التطمين يشبه المسكّن: يمنح راحةً مؤقتة، لكنه لا يشفي الداء. و ما إن ينقضي أثره حتى يعود الوجع أشدّ إيلامًا.
و من يراهن على مسكّنات سياسية و اجتماعية، رهانه ساقط لا محالة، لأن الترقيع السياسي لا يباركه ربّ العباد، الحاكم المطلق للكون، الذي لا يُصلح عمل المفسدين.
يبقى السؤال الجوهري: من سيتولّى عملية الإنقاذ؟
الجواب: هم أناسٌ غير مرئيين، يعيشون بيننا، لكنهم مختلفون في الجوهر. يمسكون بخيوطٍ ذهبيةٍ تُصلح المجتمعات من الداخل أولًا، قبل الانتقال إلى مرحلة التطهير السياسي. و لن يكون ذلك التطهير على شاكلة ثورات يناير في مصر أو تونس ؛ بل سيكون مختلفًا تمامًا، عميقًا في جوهره، متجذرًا في الإرادة الإلهية لا في نزوة الشارع.
فمن يدير شؤون البشر هو الخالق وحده، و هو من أسند مهمة الإنقاذ إلى بشرٍ اختارهم بعلمه، لا نعرفهم، ولا نستطيع الاقتراب منهم.
و سيكون الحدث أشبه بتلك الكلمة السرّية التي، حين تُنطق، تنفتح بها أبوابُ الجبال…