
كنا نعيب على إيران وجودها الأمني في العراق و مستشاريها في سوريا و دعمها للحوثيين في اليمن، و اليوم نسكت عن وجود القوات التركية في ليبيا و شمال شرق سوريا و ضربها لقواعد كردية في العراق، و لها قاعدة تدريب في الصومال و مشاركة في قوات أممية في جنوب لبنان فيما تستعد أنقرة لإرسال قواتها إلى غزة لفرض سلامٍ استسلاميٍّ علينا.
و لنا في طول و عرض عالمنا العربي و الإسلامي أبواقٌ تطبّل لتركيا و تشيد بحكمها “الراشد” و”علمانيتها الرائعة”، و تبرّر لها حقّها في الهيمنة الإقليمية.
أتساءل باسم ماذا ؟ لست ضد حزب العدالة و التنمية التركي و لا ضد الرئيس أردوغان — بل دعوت الله أن يفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة — لكن كما أسمح لنفسي نقد سياسات إيران، أجيز نقد سياسات تركيا أيضاً: استراتيجية تركيا الحالية مريبة. لماذا التواجد العسكريّ و الأمنيّ خارج حدودها؟ و لماذا تسعى إلى فرض «سلام استسلامي» علينا في فلسطين؟
إيران، رغم تدخلها في العالم العربي، دعمت و سلّحت حماس و حزب الله، و رأى رجال دينها و المرشد الأعلى أن المواجهة مع العدو الصهيوني لا تصلح معها إلا الحرب. أما الجانب التركي فيبحث عن سبل سلام ملغومة. ترامب و الصهيونية يعملون على تجريدنا من السلاح و إلغاء الخيار العسكري لحلّ احتلال فلسطين، و يفرضون علينا بالقوة الصهيونية و الضغوط الاقتصادية القبول بكيان غاصب و التنازل عن حقوقنا المقدّسة في أرضنا فلسطين.
و مع أن تركيا تتماهي مع هذا المسار و أهدافه بدلاً من أن تقف في وجهه، نسمع عن تطور سلاحها — طيب، هل سيُستخدم هذا السلاح لتحرير فلسطين؟ لا. بينما إيران طوّرت وسائل قوّتها فسمحت بتلقين درس موجع لبني صهيون.
لماذا لم تكتفِ تركيا بالهيمنة الاقتصادية و المراهنة على اقتصاد قويٍ بدل الانتشار الأمني و العسكري خارج حدودها؟ الأمن القومي التركي في مأمن في حالة واحدة: إذا ظل الأتراك داخل حدودهم و لم يورطوا أنفسهم في محيطهم. فليتعلموا الدرس من إيران.
—
هل تريد أن أختصر النص أو أعدّ له نسخة أقوى تصلح للنشر؟