نظرات مشرقةيهمكم

خير من وصف الفقر و الفساد السياسي في أمريكا الرئيس أوباما…لماذا دعم ممداني عمدة نيويورك الجديد ؟

بقلم عفاف عنيبة

من قرأ الجزء الأول من مذكرات الرئيس باراك أوباما سيقف بنفسه على مدى سوداوية الحلم الأمريكي. فالإعلام الأمريكي و السينما الأمريكية يروّجان لصورة زائفة عن أمريكا الحضارة و التقدّم. في أمريكا، يجاور غنى الأثرياء الفاحش فقر الفقراء المدقع. تصوروا أنّ هناك في الريف الأمريكي من يتناول وجبة واحدة في اليوم ليدخر مال الوجبة الثانية لشراء الدواء؟

و قد أحسن الرئيس أوباما وصف الداخل الأمريكي الذي لا يراه المسلمون في بلدانهم الأصلية، و الذين يندهشون من النجاح الأمريكي و يحلمون بالهجرة إليه. فالتفاوت الطبقي في أمريكا كبير جدًا، و حكومات الولايات الأمريكية تهتم بالفئة المتعلمة و الميسورة لأنها تمتلك ثقافة المواطنة و المال لتمويل الحملات الانتخابية للمرشحين، بينما الطبقة الفقيرة و القليلة التعليم لا تعبأ بها.

و تحدث أوباما في مذكراته عن الرشوة وتأثيرها السام على المجتمع السياسي، و كيف حارب ليصل إلى مقعد شيخ في ولاية إلينوي، التي عاصمتها شيكاغو المشهورة بسطوة عصابات المخدرات. كما عرض لمظاهر الانحطاط الأخلاقي المريع لدى بعض السياسيين الأمريكيين.

لا بد لنا من فهم أمريكا من الداخل، و ألا ننبهَر بما تسوّقه لنفسها خارجيًا. و ليس أفضل من رئيس كأوباما الذي صعد السلم السياسي درجة درجة، و أحسن تصوير معاناة المرشح الأسود، و كيف كان يتبرأ في كل مناسبة من المتطرفين السود لكسب تصويت البيض، و كيف كان يأخذ احتياطاته من القوى و الجماعات النافذة ذات المصالح المتصادمة.

لهذا، لم أتفاجأ من مساندته لمرشح الحزب الديمقراطي زهران ممداني اليساري، فهو خير من يعلم بنفوذ اليمين القومي الأمريكي المحافظ و عداء مجلس العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لمرشح مسلم علماني يقدّم برنامجًا قائمًا على مجانية الخدمات الأساسية لمواطنيه. لقد كان أوباما يترقب مجيء مثل هذا المرشح الشاب في الحزب الديمقراطي و لم يتردد في دعمه علنًا، لأنه كان مقتنعًا بأن أمريكا تعيش فترة مفصلية من تاريخها، و هي بحاجة إلى دم جديد و جيل جريء و مقدام لمواجهة الهجمة البيضاء المحافظة التي تلعب على الوتر الشعبوي، تحت شعار خدمة الطبقة الفقيرة التي أهملها الديمقراطيون على مرّ الوقت و بقاءهم الطويل في الحكم عبر السلطتين التشريعية و التنفيذية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى