
تعريف الفاعلية عند مالك بن نبي
“القدرة على توجيه الطاقة الفكرية و الروحية و المادية في المجتمع نحو غاية محددة بوعي و فعالية.”
و هذه القدرة ما تزال، إلى حدّ الساعة، معطّلة في عالمنا العربي على وجه الخصوص ؛ فالتطور المادي الذي تشهده بعض الدول لا يُعدّ مؤشراً على تفعيل فاعلية الفرد و الجماعة.
إنّ التوجّه نحو هدف و السعي لتحقيقه لا يكتسب معناه إلا حين يُنتج أثراً ملموساً في واقع الأفراد و الجماعات. فالغاية ليست في صناعة سيارة مثلاً، بقدر ما هي في تفعيل صيرورة حضارية تمكّننا من التحكم في مصيرنا باستقلالية تامة. و هذا لن يتحقق ما لم ندرك أنّ الفاعلية ليست “محركاً مادياً”، بل هي منظومة أفكار تولّد هدفاً، نُهيّئ له شروط الإنجاز ليخرج إلى حيّز الوجود.
و قبل الانتقال إلى فعل البناء الحضاري، لا بد من وعي حضاري مؤسَّس على سلوك حضاري، و هذا أيضاً مفقود في مجتمعاتنا، من مصر إلى الجزائر و سائر الأقطار العربية.
فحياة شعوبنا، في أغلبها، وجود فيزيائي بحت؛
هل فعّلوا وعيهم ببداية وجودهم و نهايته في بُعد الدنيا؟
لا.
هل يدركون الغاية من وجودهم؟ و هل تبلور علمهم إلى وجود فاعل؟
لا.
هل حوّلنا الطاقة المودَعة في كل إنسان إلى طاقة إيجابية ننطلق منها لبناء أنفسنا وعالمنا؟
لا.
إنّ الفاعلية تقوم على ثلاث مراحل مترابطة: فكرة + فعل + أثر.
فإن لم نحترم هذه المراحل، فنحن نهدر وقتنا و فرص نهوضنا من جديد.
فما الفائدة من التفكير إن لم يتحول إلى فعل؟
و ما الفائدة من التفكير إن لم يُترجم إلى أثر في الواقع؟
و بناءً على ما تقدّم، نفهم و نفسّر عجزنا أمام سنة التدافع التي تسود الكون منذ الأزل. و التدافع اليوم في ذروته، فهل سنظل على سلبيتنا؟
أواصل في مقالة لاحقة…