نظرات مشرقةيهمكم

من سجل الذاكرة : عندما أفرض قراري…

بقلم عفاف عنيبة

في ديسمبر 1996، قررتُ إجراء حوار مع دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى في ملفّ فلسطين، كمادّة توثيقيّة لمجموعتي القصصية الاستشرافية بعنوان “أيام العائد من الناصرة”.
أخذتُ موعدًا معه عبر مساعدته، لكن اللقاء لم يتمّ لأنه لم يكن على علم به، فطلب مني تأجيل المقابلة إلى ما بعد عودته من عطلته.

و جرت المقابلة في أبريل 1997، و ما إن جلسنا حتى أعلنت له مباشرة:

“اليوم سأُجري معك حوارًا مطوّلًا عن فلسطين.”

بُهِت الرجل  و إحتج قائلًا:

“لم تُخبرني مساعدتي بنيّتك إجراء حوار معي!”

فأجبته:

“نعم، لم أُخبرها بذلك.”

فسألني مستغربًا:

“و لِمَ لم تفعلي؟ أنتِ تعلمين أن وقتي محدود، ثمّ إنني لست مهيّأً أو مسموحًا لي بالحديث في ملفّ فلسطين.”

فقلت له بهدوء:

“لم أُخبرها لسبب بسيط.”

قال:

“و ما هو؟”

قلت:

“كنتُ أعلم سلفًا أنك سترفض، كما تفعل الآن.”

ضحك الرجل  و قال:

“فعلاً، أنتِ لُغز يا عفاف، تقرّرين ما يجب أن أفعله أو لا أفعله! بأيّ حق؟”

فأجبته بجدٍّ ممزوجٍ بالمكر:

“عجبًا، لستُ أنا من يقرّر، بل هذه مشيئة الربّ.”

نظر إليّ مذهولًا، و ردّد:

“مشيئة الربّ؟”

قلت:

“نعم، فلا بُدّ لي من كتابة هذه المجموعة القصصية، و ليس أفضل منك لتزويدي بالمعلومات التي أحتاجها. و ستفعل.”

قال مبتسمًا:

“كيف ذلك؟ ثمّ أنتِ واثقة جدًّا من نفسك.”

فقلت له:

“ستتحدّث و تُعبّر عن رأيك الشخصي، لا كدبلوماسيّ يمثّل دولة البيت الأسود.”

فضحك عاليًا ثم استعاد هدوءه و قال:

“حسنًا، أستسلم. تفضّلي، ما هو سؤالك الأوّل؟”

و هكذا، عفاف عنيبة تفرض قرارها  و لهذا أبدو، في نظر كثيرين، امرأةً حازمة و مرعبة.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى