قصصنظرات مشرقةيهمكم

الزيارة …6 و الأخيرة

بقلم عفاف عنيبة

في اليوم الأخير من إقامتها، كان على الشابة أن تتجه إلى مصلحة قريبة من الكنيسة.
و أثناء نزولها من سيارتها، لمحت من بعيد العمدة يخرج من المعبد بصحبة امرأة شابة.
سجّلت المشهد في ذهنها، ثم قامت بكلّ الإجراءات اللازمة لإرسال عملها إلى الوكالة الفيدرالية لحماية البيئة، و بعدها سلّمت سيارتها للميكانيكي ليتأكّد من سلامة المحرّك، إذ لم تكن ترغب في أن تتعرّض لعطلٍ آخر.

زارت المحمية لآخر مرة، و التقطت لنفسها بعض الصور و الفيديوهات هناك.
و عند خروجها من المحمية، مرّت أمامها سيارة العمدة، و كانت المرأة المجهولة جالسةً إلى جانبه.
لم يلحظها العمدة، فمضت في طريقها.

ثمّ اتجهت إلى مكتب توم بنتلي و شكرته على تعاونه معها طيلة الأسبوع، و قالت معلّقة:

– و أَعذرني إن كنتُ قد بدوتُ مستفِزّةً لقيمك.

فابتسم الرجل و قال لها:
– التكساس ولايةُ الرجال، آنسة، و نحن هنا حريصون على التمسّك بقيمنا و ما توارثناه أبًا عن جدّ، فهو ما شكّل عظمةَ أمريكا.

هزّت رأسها متفهمة و غادرت.

عادت إلى النُّزل، جمعت أغراضها، دفعت بقية المبلغ، و ودّعت السيدة المسنّة التي تمنّت لها عودةً سالمة إلى بيتها في كاليفورنيا.

تهيّأت لسفرٍ طويل، فاشترت بعض الطعام و الماء و ملأت قارورةً بالقهوة.
و مضى الوقت سريعًا، و قبل أن تغادر المدينة عرّجت لآخر مرة على مكتب العمدة، الذي استقبلها بابتسامة:

– إذن أنتِ مغادرة؟

قال لها.

– نعم، سيدي، أنا مغادرة. كان عليَّ أن أودّعك صباحًا عند خروجك من الكنيسة. ردّت عليه.

أُصيب الرجل بالدهشة لبرهة، ثم أجاب:
– آه، كنتِ غير بعيدة عن المعبد إذن، و لا بدّ أنك لاحظتِ أنني كنت بصحبة خطيبتي.

– آه، خطيبتك؟ مبارك لك الخطوبة. متى الزواج؟

– لستُ مُجبَرًا على الردّ، فهذا الأمر يخصّ حياتي الشخصية.

ساد صمتٌ قصير بينهما.

أخذت الكلمة وهي تقوم من مقعدها قائلة:
– شكرًا على كلّ شيء، سيدي. لديّ سؤال، من فضلك.

– أسمعك.

– هل نساء المدينة متقبّلاتٌ لقيمكم و عاداتكم أنتم الرجال؟

– نعم، فهنّ تربَّين على أيدي نساءٍ و رجالٍ يحملون القيمَ نفسها، أجابها.

– فهمت… وداعًا، سيدي العمدة.

و هكذا تركت الشابةُ تلك المدينةَ في ولاية تكساس، بعد أن عاشت فيها مواقفَ صعبةً و صدامًا قيميًّا و روحيًّا ينذر بانقسامِ أمريكا.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى