
اليوم تعيش بريطانيا على وقع يوم الذكرى، حيث تقف العائلة المالكة مع الشعب البريطاني لاستحضار ذكرى نهايات الحروب في بريطانيا و أوروبا عمومًا، أي نهاية الحربين العالميتين الأولى و الثانية، و تكريم قتلاهم من جنود الجيش البريطاني. و يتبارى أعضاء العائلة المالكة في إظهار حرصهم على تعظيم تضحيات جنودهم، رجالًا و نساءً، و الوقوف إلى جانب عائلات الجنود الذين يخدمون وطنهم داخل بريطانيا و خارجها.
فتساءلت: لا أحد في طول العالم العربي و عرضه يحتفي بذكرى غزوة بدر و أحد و بقية الغزوات و الفتوحات التي توالت منذ عهد رسول الحق ﷺ. الجيل في الجزائر مثلًا لا يعرف من هم الصحابة الذين شاركوا في الغزوات الأولى، و لا يعرف الحيثيات و الظروف التي أدّت إلى انطلاق عصر الغزوات و الفتوحات.
في الجزائر يُحتفل بـ يوم المجاهد و يوم اندلاع ثورة نوفمبر 1954 من دون روحٍ حقيقية للمناسبة، إذ تُحتكرها بعض الأطراف و تُعلن رسميًا على مستوى الحكومة و الرئاسة، بينما جوهر الثورة لم يصل إلى الشباب.
و من المفروض أن تُربط الفتوحات الأولى بتاريخ كل دولةٍ مسلمة، ليتذكّر مليار مسلم بطولات الرعيل الأول من المسلمين، و كيف تركوا لنا أمانة الإسلام. و طبقًا لذلك، يتعيّن علينا إحياء روح التذكّر و الوفاء في النفوس، و السير على نهج رسول الحق ﷺ في تبليغه رسالة الإسلام.
إنّ ذكراهم و ذكرانا بينهما فارقٌ كبيرٌ جدًّا ؛ فهم على دينٍ محرَّف، و نحن على الدين الصحيح. و المفارقة أنّهم أوفياء لتاريخهم الدموي، بينما نحن متنكّرون لديننا و لتاريخ العصر الذهبي الأول للإسلام، فلا نعيشه أفعالًا و لا حتى ذكريات.