(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 03 December 2015 08:10

التحديات الأسرية في زمن العولمة

Written by  أمال السائحي.ح
Rate this item
(0 votes)

قال أفلاطون الفيلسوف الشهير: "إن التربية هي إعطاء الجسم و الروح ما يمكن من الجمال و الكمال"، و هي كلمات جميلة ذات دلالات عميقة، فالجمع بين الجمال و الكمال لكل من الجسم و الروح ليس أمرًا سهلا، و لعل تعريف التربية بطبيعة عملها و مجالاته يوضح مدى شموليتها، فهي: "تشكيل الشخصية السوية المتكاملة في جميع جوانبها روحيًا و عقليًا و وجدانيًا و خلقيًا و اجتماعيًا و جسميًا"

هي تساؤلات كثيرة اليوم يطرحها الآباء و الأمهات في ظل التربية بالطريقة المثلى التي يرجوها الوالدين لأبنائهم و السير في الاتجاه الصحيح، و الخوف من حدوث الكثير من الإشكالات أو الثغرات التي ليس لها أول من آخر ...

و هي في مجملها تساؤلات عن التربية المثالية ..التربية الحقة و هي ـ في نظرهم ـ التي تربى بها جيل الأب و الأم .....التربية التي تضمنت الكثير من الاحترام للصغير قبل الكبير، و التي تضمنت تربية الجد و الجدة، الخال و الخالة، العم و العمة، و حتى الجار المتخلق الطيب، التربية التي جعلت ذلك الجيل يرفض من الصغير الخوض في المسائل التي هي اكبر منه، و يلزمه باحترام الوالدين و برهما، و احترام الاخوة بعضهم بعضا، و عدم الجلوس مع الضيوف، و السمع و الطاعة في كل ما يرضي الله و يفيد في تربيته كإنسان سوي يتحلى بأخلاق عالية.

و اليوم أصبح أمامنا كمربين العديد من التحديات التي تجعل من موضوع التربية الأسرية بالنسبة للأسر المسلمة أمرا شائكا يحتاج إلى التفكر فيه حتى يتسنى لنا اتخاذُ القرار السليم. و تتمثل أهم التحديات في الانفجار المعرفي المذهل، الذي يحتاج منا إلى مواكبةً سريعةً، ضف إلى ذلك المتناقضات التربوية و الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية الخطيرة التي يعيشها مجتمعنا العربي و الإسلامي، و ما وصل إليه هذا المجتمع من ضعف شديد، و ما يحمله هذا الوهن من مضمون سيء يستشعره الشباب، فيزلزل كيانه، و يوهن عزيمته و ثقته.

يدل على ذلك أن كثيرا منا قد يتصادف أن يصطدم مع أبنائه، خاصة في سن المراهقة، حول مشاكل شتى منها، طريقة التفكير، و اختلاف الرؤية للمشكل؟ فنحن لا نرى الأمور المختلفة من زاوية واحدة، بل كثيرا ما نراها من زوايا مختلفة قد تكون متناقضة تماما؟

كيف يمكن للآباء و الأمهات اليوم، أن يضعوا واقيا، أو يكسبوا أولادهم مناعة أخلاقية و فكرية تحميهم من آفات كثيرة، و تحصنهم من الآفات التي تأتي في ركاب الانفتاح العشوائي على ثقافات العالم؟ و كيف لهم أن يحولوا دون اقتلاع ريح الغزو الثقافي لأبنائهم من هويتهم و استلابهم حضاريا؟
إذن فالتربية جد صعبة في وسط هذا الجو المشحون بثقافة غير ثقافتنا، و أفكار غير أفكارنا، و مجتمع غير مجتمعنا، و تقاليد و أعراف، غير أعرافنا ...

ان آثار المضامين التي تقدم عبر الإعلام أو غيره، جعلت من جيل اليوم ...إنسانا آخر ...جيل الفايسبوك، و جيل الهواتف الذكية، و جيل سرعة المعلومة، جيل الهلوسة بكل ما هو مادي محض....

و لهذا كان الإسلام حريصا جدا في قضية التربية، حيث بين أن المؤمن الحق هو الذي يوازن بين متطلباته الجسدية و متطلباته الروحية، و وضع الأساسيات الممكنة التي تعتبر الدرع الواقي الذي يحول دون الانجذاب إلى هذا دون ذاك، أولها عند ولادته و التأذين في أذنه اليمنى و الإقامة في اليسرى، و أن يبدأ تطبيق المفهوم العقدي منذ الصغر أي منذ أن يبدأ الطفل بنطق بعض الحروف و الكلمات يحاول الوالدان أن يلقناه الشهادة باستمرار، و أن يتجنبا الكذب عليه حتى لا يتعلم هذا الخلق الذميم، لأن التعليم بالفعل مقدم على التعليم بالقول، و أمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، و ضربه عليها إذا بلغ العاشرة و لم يحافظ عليها، و التفريق بين الأبناء في المضاجع، و آداب الاستئذان، و تعليم أساسيات العقيدة (من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟)، و اتباع منهج التدرج بالطفل في التعليم، و اعتبار قدرات المتعلم على الاكتساب و التحصيل و عدم تكليفه ما لا يطيق من الأمور، و لعل الناظر في سيرة الرسول -صلى الله عليه و سلم – يستطيع أن يتبين بوضوح المبادئ الكبرى التي كان يقيم عليها النبي صلوات الله و سلامه عليه منهجه التربوي الذي خرج لنا جيل الصحابة ذلك المنهج الذي مكنة أسامة بن زيد رضي الله عنه، أن يتولى إمرة الجيش و هو بعد لم يتجاوز السابعة عشر من العمر... ذلك المنهج الذي مكن جيل الصحابة من الثبات في وجه المكر اليهودي و الكيد الفارسي و التهديد الروماني ... أليس ذلك المنهج هو الكفيل بتمكيننا من اكتساب الحصانة التي تقينا من كل الشرور التي تتهددنا بها عواصف العولمة و زوابعها مهما كان عتوها ...؟

Read 1677 times Last modified on Wednesday, 31 May 2017 16:25