(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 14 أيار 2023 04:21

"أنا و المارد و المخلل"

كتبه  الأستاذ ماهر باكير دلاش من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ليس لأن الدعم لا ينسي، بل لأنكَ حين ظننتَ وصولك لحدودَ قُدرتك، وحدهُم الذينَ فتحوا لك الأبواب أخبروكَ بالعكس، أظهروا فيكَ روعَة الجناحينَ، حين اقتنعت بالانتظار كعادتك، جرّب السمَاءَ كسقفِ عالِي تعرفَ لذةَ الوصول الحقيقي.
ليس لأن الوقت كان صعبًا، بل لأن المُستحيل صار مُتاحًا، و التردد سهَل، و الخوف على بُعدِ خطوة، لأنك حين عزمتَ الإفلاتَ مدّوا الأيادِي لشخصكِ المُتعبَ، أمسكوا الأمَل في آخر لحظاتهِ و علمّوكَ كمنَ يجتازُ خطوطَ البدايةِ بحثًا عن دائرةِ الحياة الواسعَة، و لأن الاستلقاء على أرضِ المعركةِ يبدو مُتعَة على غيرِ العادَة، رموكَ بسهامِ تشجيعهمَ و اختاروا أن لا يشقُوا علينَا الدربَ قبل نهايتهِ، و أن الواحدَ للجماعَةِ و العكس صحيح.
الساعة الآن التاسعة تماما ، حين صدّقَت أنكَ عادِي في عالمٍ مدهشَ، هناكَ من تجرأ بإخباركِ الحقيقة، إنه سر المارد ، و السر الأكبر أنك صدقت بالوعد، و حسبت ألف حسابٍ قبل العبور، و فطنت مُبكرًا إلى خبايا الحياة، داخل المصباح العجيب، أن النجاة ليست في الأمنيات المدسوسةَ، و لا المُعجزة التي تضمن حقك كاملاً بالوصول، و أن المارد مجرد وسيلة، لتُعيد النظر إلى فصول القصة كلها، بدءًا، باللحظة التِي يتوهج فيها قلبك، كالحُلم، و قبل الخاتمة بقليل، حين تتخذُ أكثر قراراتكِ تهورًا، و أنت وحدك أدرى بمقاييس الفوز و الخسارة عند نزالاتك المتكررة ضد المستحيل.
على وجل، فركت المصباح ليخرج المارد، فالشُّجاع من تمّلك نفسه عند البدايات الأولى، و مثلما عرف قدر طموحه و مقدار عتادهِ، أبصر في قلبه السّعة للشّدةِ المُقبلة، و اكتشف العظيم المُخبأ داخل نفسهِ المُستعدة، و تحدّى قاماتِ المستحيل العريضةَ، باحثًا عن لذةِ المعنى، فلا أحد يعرف شعور خفقاتِ الجناح، ما لم يجرب السماء كسقفٍ عالي. خرج المارد حاملا معه علبة صغيرة من المخلل المتنوع هامسا: هذه العلبة على قدر حلمك ، ألا تستحي أن تخرجني من قمقمي من أجل هذه العلبة، ثم أردف قائلا: لماذا لم يكبر حلمك؟
كلماته وقعت على سمعي كالصاعقة، فالحُزن أيضاً لهُ قداسة، إنهُ لا يُقال لأيّ أحد إلا منْ يؤتمن و يُقرب الروح..أليس كذلك؟
أنا مصنوع من غرف صغيرة مليئة بالأفكار و العواطف و الذكريات، لا يمكنك أنّ تعرفني بالاستماع لي مرة واحدة، كانت كلماتي هذه جعلت المارد يصاب بالهلع و الحزن في آن، فعاد الى قمقمه ثم خرج سريعا معتذرا يحمل بين يديه بطيخة تعويضا عن علبة المخلل الصغيرة.
أعرف قصةً قديمة، لمن وصفوه يومًا بأنه ناقص عقل، لأنه تمنى ما لا يقدر على نيلهِ و اختار أن يحلم بما هو فوق سلطتهِ فيحققهُ، فعاد إليهم بسلالٍ أحلامه مُغنيًا، حين صدق بالوعد، خرج من فانوس الحياة ماردٌ جديد.

قراءة 300 مرات آخر تعديل على الأحد, 14 أيار 2023 04:31