(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Tuesday, 16 May 2023 20:29

خوارزمية الفكر

Written by  الأستاذ ماهر باكير دلاش من الأردن الشقيق
Rate this item
(0 votes)
بعد ذبولِ الغُصن هل يُجدِي المَطر؟
أريد أن أكتب كلاما لا يُشبهُ الكلامْ وأخترع لغة لي وحدي أفصّلها على مقاييس عقلي، وسلوكي ومعرفتي؟! تائه كسؤال لم يُختم بعلامة استفهام.. ظنوا جمعيهم انهُ حقيقة..
عندما أقرأ ما أكتبه من نصوص، تأتيني فكرة الاقتراب مني؛ الاقتراب من روح العالم، ثم لا ألبث أطردها؟!... هُناك عمق لا نهائي في الشخص المُتردد، الذي يكتب ويمحو، الذي يمدّ يديه برجفة، صاحب العيون ذات النظرة الخجولة التي تنظر للمشهد حالما ينتهي تمامًا، الذي يحفظ الكثير من الكلمات وينتظر الوقت المناسب ليقولها فيصمُت عنها خشية ألا يُفهَم.
ما زلت أشعر بفراغ كبير في داخلي، مثل بقعة صحراء عند حافة الأرض مهما سقيتها، فإن الماء سوف يمتص حتى يصل إلى قاع العالم، ولا يتبق منه أي أثر للرطوبة، ولن تنشأ فيها أي حياة. أرهقني ثباتي المفتعل، وتجاوز أشياء أكبر من قدرتي على التجاوز، وتحمل أياما صعبة فوق طاقتي.. أرهقني الصمت الظاهري، وضجيج رأسي الذي لا يهدأ.. تعبت من الكذب عندما أقول أنا بخير بينما الخراب في داخلي.. أنا أتمايل، وأغرق كل يوم باحثا عن خوارزمية لعقلي.
حسنا، سأضع الكلام على المجاز، وأضع المجاز على خيالي، ومن ثم وضعه على النظر إلى البعيد اللامتناهي، عل الإيقاع يولد عند تشابك الصور الغريبة المهشمة المهمشة.
لغة أحلم بها وأخرى بها أكتب، وكلمة تنسجها الأحلام وأخرى تشذّبها أصابعي. هناك في العمق البعيد من الذاكرة قصيدة لشاعر مجهول في طريق خال من بني البشر، يخلط البحور ببيوت شعر لا وزن لها ولا قافية، ليس شعرا لكنه خربشات هو نفسه لا يفهمها،
لكنها تخرج ما في داخله من تشتت وعبث.. شيء عصي، متكرر، مستحدث، لا يمكنه ذلك الشاعر أن يحدد ماهيته، هو فقط ينظم!
لطالما كنت فخورا بنضجي في وقت مبكر، لاكتشف في هذا العمر أن ذلك النضج أتى في غير أوانه، فأغمضت عيني عن أمور كثيرة كان يجب أن أعيشها في الماضي.
النضج يا سادة، لم يهدنا ذات الأشياء التي نريدها، النضج هو ذاته من سلخنا من أحلامنا واذاقنا مرارة المواقف، هو ذاته من جعلنا نتجرع من كؤوس الخيبة...هو ذاته الذي حال بيننا وبين الحياة فيما مضى.. تمنيت أني لم أكن ناضجا!!
أحدق في الفراغ طويلا بحثا عن لا شيء، ومئات الكلمات في رأسي، أخلق مواقفا قد تكون غبية في لحظتها، فقط في محاولة لرأب الصدع الذي أخده الزمان تاركا تجاعيده.. أفعل في مخيلتي ما أرنو لفعله في الحقيقة.. لكنني لا ألبث أن أتخذ الصمت ملاذا!
أنتمي لجيلٍ يدفع ثمن رهانات أسلافه الخاسرة، ولد مخنوقًا تحت أنقاض قضايا لم يشارك في بنائها، يعيش ملخصًا سريعًا لأحداث كانت تستغرق عقودًا في زمن مضى، يرافقه صداع مستمر بسبب المنعطفات الدائمة، حتى النور الذي في آخر النفق يخشى أن يكون أمامه قطار قادم لسحقه •
سطور في دفاترنا كتبناها بمداد أرواحنا، ثم أعادت الحياة كتابتها كيفما شاءت، ولم يكن بوسعنا الا الختم بالموافقة بأصابعنا العشر رغماً عنا...أخشى أن تبتر أصابعنا يوما مثلما قطعت شفاهنا!!
وسطور كتبت بمداد دمائنا، ظنناها ستعطينا بقدر ما تأخذ منا..  وسطور كتبت صدفة لم نخطط لها، وقد تكون بلا معنى، لكننا نشعر أنها ضرورية للبحث عن خوارزمية المصفوفة في أفكارنا.
‏وكبرنا، وما زلنا نبحث عن تلك الخيوط التي تتوازى لجعلها تتقاطع علها تشكل خوارزمية مصفوفتنا!!
زوارقنا ما زالت عالقة في طفولتنا حاملة معها عبء مصفوفة لم تكتمل، وخوارزمية مندفعة نحو مجرى الزمان.. تناقض حقيقي.. يؤرقني، لم أنم يوما بشكل حقيقي!!
Read 274 times Last modified on Tuesday, 16 May 2023 21:51