(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 20 تشرين2/نوفمبر 2021 09:42

مؤاخاة المدينة.. تركيب القيم و المصالح

كتبه  الأستاذ عبد الله عتر
قيم الموضوع
(0 أصوات)

حين كان رسول الله يبني الأحجار الأولى للمسجد كان على الضفة الأخرى يضع القواعد الأولى للمجتمع الجديد في المدينة المنورة، و ذلك من خلال المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار.
لكن و في الأيام الأولى بدأ التفكير بالمؤاخاة يمشي في طرق خطرة، فالأنصار عرضوا على المهاجرين أن يتبرعوا لهم بنصف أراضيهم و أصولهم الزراعية التي يملكونها، و جاؤوا للرسول و قالوا: “اقسم بيننا و بين إخواننا النخيل”. قال النبي: “لا”.
رفض صلى الله عليه و سلم هذا المقترح، رغم أنه يبدو في قمة الخيرية و الروح الطيبة، فهم الأنصار سبب الرفض، فقدموا المقترح الثاني الذي يضمن مصالح الطرفين، فقالوا للمهاجرين: “تكفونا المدونة و نُشرِككم في الثمر”، بأن يدخلوا مع المهاجرين في شراكات، المهاجر يعمل في أرض الأنصاري ثم يتقاسمان الربح مقابل عمله: “فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام، و يكفونهم العمل و المئونة” (البخاري ومسلم).

الوقت يداهم قسد و يختبر تركيا

رفض الرسول أن ينظر الناس للمؤاخاة أنها تبرعات و قيم مجردة عن المصالح الدنيوية المتبادلة، إذ أراد أن يبني أساس الاقتصاد و المجتمع الجديد على مؤاخاة عميقة تتركب فيها القيم و المصالح، و تأتي التبرعات لتدعم هذا الأساس الاجتماعي و تسد ثغراته، و هنا تكون الأهمية الفائقة للصدقات و التبرعات و القرض الحسن و غير ذلك.
أساس المؤاخاة في المجتمع المديني مؤاخاة قيم و مصالح، و دعائمها مؤاخاة بذل و تبرع بلا مقابل، و يبدو أن من يعكس هذه المعادلة سيجر الويلات على مجتمعه، و ما يشيع اليوم من “مرض تلقي المساعدات” من هذا الباب.
وضع الفقهاء قاعدة كبيرة في هذه الأمور، و هي أن “الجمع بين المصلحتين أولى من إهدار أحدهما”، فكلما قمنا بتركيب مصالح أكثر في التنظيمات الاجتماعية و الاقتصادية لبلادنا، أولى من أن يكون هناك يد معطية و يد آخذة بلا مقابل.

استطاع مجتمع المدينة أن يبني طريقة تفكير تؤمن بمبدأ الوفرة و تتقن تركيب مسننات المصالح مع بعضها، و هذا يحتاج إلى:

1-ثقافة اجتماعية و أعراف تدفع الناس نحو تركيب المصالح، و تجعلهم يفكرون بها في الحياة اليومية.
2- مهارة عملية و تنظيمات تساعدهم على فعل ذلك بسهولة.


أشعر أننا في بعض الأحيان نقيم شرخًا بين القيم والمصالح في عقول أطفالنا و من حولنا من الناس، و تصلهم منَّا رسالة أن عالم القيم الأخلاقي و عالم المصالح لا يلتقيان، و أن الشكل الأخلاقي أن تعطي تبرعًا بلا مقابل و إلَّا كنت انتهازيًا، و حين تريد تحقيق مصالحك فابحث عنها وحدك، و ليس من المهم أن تبحث عن تركيبة مصالح بينك و بين أصدقائك و إخوتك.
هذه العقلية لها آثار ممتدة، و لعل أحد المعضلات التي تعيشها بلادنا هي عدم قدرة أبنائها على تركيب مصالحهم السياسية و الاقتصادية بشكل معقول.

الرابط : https://hibrpress.com/v2/%d9%85%d8%a4%d8%a7%d8%ae%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%8a%d9%86%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%ad/

 


قراءة 671 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 24 تشرين2/نوفمبر 2021 09:22