في نهاية رمضان، كانت لي فرصة في إستحضار سنوات الدراسة في المتوسطة و الثانوية. كنت محظوظة حقا، كانت تقود النشاطات الفنية أستاذات متمكنات. حببنا لنا الرسم و الخياطة و تشكيل رسومات علي الخزف.
كانت الأستاذة تمهد للدروس بتلخيص ثم الإنتقال مباشرة إلي ورشة العمل، تحفزنا بالقول "إفعلوا ما يحلو لكم، أنتم تتعلمون..."
و هكذا تغلبنا علي الرهبة و رغم عدد التلاميذ في الحصة، كانت معلمتنا تنتقل من تلميذ إلي تلميذة ببطأ و تتجاوب مع العمل ب "حسن الألوان جميلة""آه أنت تميزت"، "جيد ضف هذا اللون، ما رأيك ؟" فكان تشجيعها دفع هائل لنا و لمخيلتنا.
كنا ننتظر بفارغ الصبر ساعة النشاطات الفنية، كانت ترويح علي النفس و إبداع. كنا نتشاور مع بعضنا البعض و هذا يساعد الآخر و عند إعلان الأستاذة :
"سنضع منوجاتنا للبيع في يوم عيد العلم."
شعرنا بعظم المسؤولية الملقاة علي كاهلنا بتشريف الأستاذة و المعهد. إجتهدنا و حصلنا علي مبتغانا، في يوم عيد العلم، شاركنا كل بحسب ما أبدعه و كم سعدنا بوصول المزهريات المرسومة جاهزة بعد ما نضجت في فرن متخصص.
و كم فرحت ببيع مزهريتي و الحديث مع المشترية حول طريقة زخرفتها.
في تلك الأيام المباركة، كان النشاط الفني له قيمته و صداه و نقاطه و لا أنسي مهنية الأستاذة المشرفة و كيف كانت تحتفي بعملنا زارعة فينا الثقة و الأمل بل كانت تلفت إنتباهنا إلي مواهب مخبأة و قد برزت للعيان :
"إياكم و إهمال مواهبكم، فهذه هبات من الله عز و جل، أشكروه بتنميتها."
شخصيا نميت موهبة الرسم و الطرز و ليس هناك أفضل من التفرغ أحيانا لذلك. أما واقع الحال اليوم، كل مادة و خاصيتها و جدارة الأستاذ و تفاعل التلاميذ...