في العطل، ينتابنا شعور مزيج من الكسل و من الشوق، كسل نستحسن البقاء لساعات بلا نشاط معين و شوق : نتذكر كل الأشياء التي لم نتمكن من إنجازها طوال العام و نرنو إلي تحقيقها. هذا و نحن نمني أنفسنا يوميا لفعل كذا وكذا و نظل جامدين في أماكننا نستلذ ذلك الفراغ الممتد و لا ينغص علينا شيء مثل تذكيرنا بالقيام بعمل ما في وقت لا يلاءمنا.
علي نفسي، كانت العطلة فرصة في مطالعة كل العناوين التي وضعتها جانبا و ترتيب أغراضي و تخيل سيناريوهات لقصص جديدة و الإستراحة لساعة زمن امام كوب ليمون منعش و برمجة أيام بلا إلتزامات. يحلو للإنسان من حين إلي آخر نسيان إحتياجات الواقع و كيف أن نسق الحياة الضاغط يجرده من متعة الحياة، فتمر الأيام و تسقط أوراق العمر و ذات يوم نبكي الذي راح بلا رجعة.
فسحة الزمن التي نفوز بها إن لم نستمتع بها لن تتكرر و كل وقت يمضي تذهب معه القوة و الشباب و الهمة. كنت محظوظة لزمن طويل، طفولتي كانت بجمال السفر و الإقامة في أماكن مذهلة، عشت و إكتشفت... كانت الأمطار الموسمية تحبسنا في البيوت، نظل نحسب الأيام و موسيقي المطر علي أعواد الخيزران تنسج لنا حكايات لا نهاية لها. نتناول غداءنا في الشرفات المفتوحة مع حرارة عالية و مجموعة كاملة من الحشرات الطائرة.
نلتمس في كل ليلة نهاية للغيث و نصبح بوجوه عابسة، لم تأخذ الريح العاصفة معها الماء المنهمر شلالات و حديث الببغاوات لم يعد مسليا بل مملا و حيل الخدم في إبتكار كل يوم لعبة جديدة تنسينا و لا تنسينا و وعود الأولياء للخروج في نزهة حالما تجف السماء تجعلنا في حالة ترقب دائمة.
كانت عطل و لا كل العطل، فهطول الأمطار غزيرة له معني واحد صبر طويل مع نهاية مفرحة و هذا قليل مما أذكره في صائفة منتهية..