طوال سنين و إلي الآن ينتابني هذا الشعور "أنني ريشة في مهب الريح".
عندما أغادر جدران بيتي و أنظر إلي أحوال الناس في العالم الخارجي، لست في حاجة للتحدث معهم لأدرك بانهم ليسوا علي ما يرام و أنهم يعيشون في وهم كبير تبنوه و أضفوا عليه شرعية زائفة.
فكل ذلك الإنحطاط في السلوك أراه في حركاتهم، نظراتهم، أصواتهم التي تحدث تلوث صوتي في جنبات بلاد مترامية الأطراف....
الزائر لبلادنا المسلمة، أول ما يلمسه و علي الفور تخلف الناس و كيف أنهم غير متحضرين، فكل ما درسوه في مدارسهم العلمانية و المدارس القرآنية لم يتجاوز طبلة الأذن و لم يخترقها ليذهب إلي القلب و العقل، فيغير ما في النفوس....
إنني الريشة التي تأخذها الرياح إلي الإتجاهات الأربع في الكون و قد سجلت ذاكرتها كيف أن الناس يعملون عقولهم خارج حدود العالم المسلم طبقا للأمر الإلهي الوارد في القرآن الكريم الداعي إلي إعمال الفكر و العقل و التدبر في آيات الله و التناغم معها في العيش و الإبداع.
ذلك الشعور بقدر ما هو آسر بقدر ما هو حزين، فالوحدة الفكرية و الإيمانية التي أعيشها تذكرني في كل منعرج و في كل منعطف بغربتي بين اناس كل همهم قطف ثمار الفانية دون إطالة النظر في المآل الآخروي و لا يفهم من حديثي هذا أنني إنسانة تهمل الدنيا و لا يهمها إلا مصيرها في الآخرة، أبدا!!
فمنهاجي كامن في هذه الآية 77 من سورة القصص: بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَ لَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَ أَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَ لَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾
إنني لا أرنو إلي أمجاد الماضي أي إنجازات الرعيل الأول من المسملين، إنما أنظر إلي الحاضر و المستقبل كوني أعيش زمني الحالي و الله يطالبنا بتبليغ رسالته بنفض تراب الجهل و التعصب و التحجر و العادة القبيحة التي تحول الدين إلي مجرد مراسم يؤديها الإنسان بلا روح و لا خشوع و لا حافز للخلق و الإبتكار و التميز.
لست أنا من اردت لنفسي أن أكون ريشة في مهب الريح، المسؤول علي ذلك زمن أهله، أهل إنحطاط مشدودين إلي الأرض أكثر منهم يتوقون إلي العلا و إلي مرضاة الله...
و طبعا لا أزكي نفسي...