في هذه الصبيحة المبللة بالندي و زخات المطر الذي تهاطل غزيرا الليلة المنقضية، توجهت إلي متاجر المدينة المجاورة، كان الطريق مزدحم بالشاحنات و السيارت و كالعادة السائق الجزائري غير متحضر، ليتجنب الطابور يسير بمركبته قديمة أو جديدة علي جانب الطريق في صف ثاني، و لا يهمه الخطر الذي يعرض نفسه و بقية السيارات التي تحترم قوانين المرور، كل همه ربح الوقت علي حساب القيم و القوانين....مرة أخري اقف علي عدم تحضر المواطن الجزائري.
الإخضرار علي جانبي الطريق أنساني الطبع السيء للسائق الجزائري و أوليت إهتمامي الحقول المحروثة حديثا و كيف أن العشب الأخضر نما فيها بسرعة البرق عند هطول الغيث طوال قرابة أسبوع. فشعرت بالغبطة و إن حزنت لمنظر مرج من عشر سنوات للخلف كان مرج أخضر جميل يحفه وادي ...للأسف اليوم و بداعي بناء مشروع عدل للسكن غير بعيد، قاموا بصب الإسمنت علي المرج الأخضر فحولوه إلي أرضية رمادية اللون قاتمة، إختفي أيضا الوادي المدفون تحت أطنان من الإسمنت و إرتدت الأشجار الباسقة التي تحده في جانب حلة حزينة تنظر إلي جذوعها المغطاة بذلك الإسمنت الكريه.
عند وصولي إلي الشارع الرئيسي في المدينة حيث تمتد علي طوله و في شارع كبير جانبي، المحلات تعرض بضاعة من كل نوع....كلما أقلب نظري في تلك المحلات أندهش أمام الكم الهائل من البضاعة و إختلاف اشكالها و أسعارها النارية.
ذهبت إلي شارع فرعي و دخلت محل من المحلات، فإستقبلتني بائعة سعدت برؤيتها، لا أكره شيء مثل رؤية بائع رجل في محل خاص بأغراض النساء من ألبسة و حقائب يد و أحذية.
عند إنتهائي من شراء حاجتي، سئلت البائعة الشابة التي لا تتجاوز في العمر أظن 18 سنة :
-هل تعملين و تدرسين في نفس الوقت أم تعملين فقط ؟
فردت علي مشكورة :
-توقفت عن الدراسة و انا اعمل هنا مع زميلة أخري.
لم أسئلها لماذا تركت مقاعد الدراسة، فهذا شأنها الخاص و أكره التطفل لكنني في محلات أخري بقيت محتارة أمام الأسعار المرتفعة جدا، فستان بيت بنصف مليون سنتيم ...كيف لأباء شراء ملابس لبناتهم أم عليهن الخروج للعمل باكرا مهملات الدراسة ؟
ما هذا النظام الإقتصادي الذي لا يتحكم في أسعار السلع و الذي يجبر أفراد الأسرة كلهم علي الخروج للعمل من أجل سد رمق الحياة و ليس تأمين حياة مقبولة ؟