أمام موجات العنف التي توالت و لا زالت تتوالى و التي مست الأسرة بالدرجة الأولى وراء الأبواب المقفلة حيث الزوج يضرب زوجته لا لشيء و إنما لمرض نفسي أصابه و المطعم بلقاح و وسوسة ابليس اللعين، و الابن يضرب أباه و أمه و أخته لأتفه الأسباب. و الأمر لم يصل الى هذا الحد فحسب بل العقوق بلغ ذروته بحيث أصبح فاعلوه يتبجحون و يعلنونها جهارا و ينشرونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في غياب القوانين الرادعة و اجهزة تنفيذها.
و العنف كما سبق و ان ذكرت مس و ترك بصماته القذرة في الشارع، العمل، المدرسة، المستشفيات، أصحاب السيارات في الطريق "نزاعات الطرق حيث تجد الأفراد متهورون لحادث بسيط فيلجؤون لممارسة العنف بالعصي، الهراوات و السكاكين و حتى الضرب بالسيوف التي حتما تؤدي الى القتل و ابليس اللعين يتفرج في ثمار نتائج عمله الدؤوب.
ان العنف الذي هو ضد الرفق، انه موضوع خاض فيه علماء كثر معتمدين في شرحهم على القرآن و السنة المحمدية كما استدلوا ببعض الأمور الحياتية الملموسة و من بين هؤلاء العلماء الدكتور السيد محمد راتب النابلسي في موسوعته .
فقد ورد في صحيح البخاري و مسلم من حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ:
(يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَ يُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَ مَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ)[ مسلم ]
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ:
(إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَ لَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ )[مسلم ]
ان العنف في السابق كان مقتصرا فقط على ثلة قليلة من بني البشر، أما الآن في الوقت الحالي أصبح الكل مهدد بإفرازات هذه الآفة الخطيرة التي وصلت تردداتها الصوتية حتى الأجنة في البطون.
ان حوادث العنف و التعنيف الممارس جعلت من العنف في حد ذاته في حيرة من تنغيصه من سباته فأنهكت قواه و بدأ يصرخ ثم يصرخ ليثبت براءته من الجرائم التي تنسب اليه و أخيرا رفع الراية البيضاء و يقول لمن يمارسون العنف باسمه أنهم كاذبون لأنه في السابق لم يكن يتدخل إلا في حالات نادره هنا و هناك.
ان ظاهرة العنف لا يتم القضاء عليها بوضع الكاميرات في الأبنية و الشوارع و الأماكن العامة التي الغرض منها معرفة المتسببين فيها فهي تمارس في وضح النهار و أمام الملأ، كم من اشخاص راحوا ضحيتها في مختلف بقاع الأرض و منهم من قتلوا بالألاف في صمت و سكون، و في هذا الخصوص حضرتني مقولة ألبرت انشتاين حيث قال : العالم لن يتدمر بواسطة من يعملون الشر و لكن بواسطة من يتفرجون عليهم بدون تدخل.
و عليه إخوتي و أخواتي من السيدات و السادة المختصين، إن أمر العنف خطير جدا و هو جدير بالدراسة المعمقة للوصول الى نتائج عملية من جهة و تقديمها للسلطات لدراستها لتترجم في شكل قوانين رادعة تصل الى حد القصاص من مرتكبيها وفقا لما يمليه ديننا الحنيف و السنة الشريفة. و الله الموفق