أردناها محطة تحمل إليها شعورا جميلا بالحرية، و إحساسا بالمساواة مع الرجل، و تأكيدا بتحقيق الذات، و لو لهنيهة من الزمن، أردناها وقفة لها معنى مع دور العجزة، مع الأطفال الأيتام، دورها كمربية في الحضانة، و صوتا عاليا منددا بكل جرائم العنف و الفساد من اختطاف، و اغتصاب، و ضرب مبرح، و تنصير، غير أنني بكل أسف لا أستطيع أن أصف لكم شعوري المرير لما آلت إليه هذه المناسبة من انحطاط بفعل الممارسات الخاطئة، التي خرجت بها عن إطارها الذي رسمته لها الإنسانية المتحضرة الراقية، لتتحول بها إلى مناسبة ليس لها معنى ...بحيث تعطي معنى واحدا و هو:أن مرحلة النضج الفكري مازالت لم تصل إليها المرأة عندنا بعد ...
هو تقليدا أعمى بمعنى الكلمة، لمن استنوا لنا هذه المناسبة الدخيلة علينا، الغريبة عنا، متناسين تماما أنهم إذ ابتدعوها أرادوا بها أن تضفي لمسة إنسانية على معاملة للمرأة، التي أساؤوا إليها طول الحياة و جعلوا منها أداة لإشباع الشهوات، و إرواء النزوات، إسكاتا لصوت الضمير المؤنب، بسبب ما ارتكبوه في حقها من فضائح و فظائع، و رحنا نتشبه بهم في كل ما حاولوا أن يتبرؤوا منه من أفعال و أقوال، فأفسدنا نيتهم، و شوهنا قصدهم، إذ قلدناهم فيما ضجوا منه من مجون و لهو و انحلال و تفسخ، و عجزنا عن تقليدهم في ثقافتهم و حبهم للعلم.
هل قمنا بهذا لأننا نظن بداخلنا أن الغربيات يتضامن معنا ؟ و كيف للمرأة الغربية أن تعلمنا معنى التحضر ؟ أم ترانا صدقنا أنفسنا بأننا مضطهدات من أعظم و أسمى شرع للإنسانية كلها، و هو ديننا الإسلامي الحنيف، الذي أعطى للمرأة حقوقها، و جعلها جوهرة مكنونة مصونة، سواء في بيت أهلها و بين أخواتها، أو عند زوجها...؟ و أن المرأة المسلمة عالمة، و طبيبة، و مهندسة، و دكتورة، و قاضية...
لماذا نحاسب الإسلام و نضعه في قفص الاتهام، بسبب ثلة من المسلمين لم يعرفوا معنى هذا التشريع إلا في ذاك اللباس الذي يستر عوراتهم ؟
الحق أقول ظننت أنك ستحتفلين بعيد نجاحك و تفوقك في دراستك، و بتفوقك الدائم في مكان عملك، في بيتك المميز، الذي ينبض كل مكان فيه بلمساتك، مع زوجك، مع أبناءك، في تربتك الزكية، و حياتك الهادفة ، مع أهلك ..مع جيرانك، مع أقاربك
لكننا وبكل أسف قدضاعت هذه القيم و المبادئ، و دفنت تحت هذه الخرافات التي ملأت الدنيا ضجيجا، ...ويا ليته كان ضجيجا له معنى.