قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Sunday, 30 June 2013 07:29

الحكومة شأن كل مواطن

Written by  عفاف عنيبة

أود التنويه بأمر للقراء الكريم، ركن نظرات مشرقة في جريدة البصائر الغراء لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد أوقفته في نصف شهر جوان المنقضي بعد مشوار دام سبعة سنين ونصف، و هذا لأتفرغ لعملي و إشرافي علي الموقع. و سأواصل بإذنه تعالي، كتابة مقالات و نشرها في ركن "نظرات مشرقة" و النص الآت هو أحد المقالات الأولي التي نشرت في البصائر و الذي أعيد نشره هنا.

كأن فى هذا البلد، الحكومة هى ملهاة ناس عاطلين.    إميل أوجى من كتابه " صهر السيد بوارى ".

إنتخب إميل أوجى فى 1852 نائبا و قد كان عضوا فى البيت المدنى للإمبراطور نابليون الثالث و عرف عنه دفاعه عن النظام و حقوق العائلة و له أعمال أدبية عديدة حول ظواهر إجتماعية و سياسية و كتابه " صهر السيد بوارى " هو أكثر أعماله شهرة و نجاحا لدى الرأى العام الفرنسى و قد كان يتميز قلمه بنبرة تهكمية مزيج من الجد و الهزل.

و كونه من المثقفين التابعين لطبقة البورجوازين، فقد كان يستنكر إهتمام العامة بمسائل فى غاية الخطورة كنظام الحكم و الدولة. استهجان أوجى هذا مؤداه قناعته المبنية على التصور التالي : السياسة و أمور الدولة حكر على فئة خاصة من الناس هم إما سياسيون و إما نبلاء الطبقة الحاكمة أو على الأقل النخبة المفكرة، فلا يحق لأى أحد أن يدلو بدلوه فى نظام الحكم و لا يجوز لأى أحد أن يطلق أحكاما أو نصائح لأهل الحكم. كان يعتقد النائب البروجوازى أن العوام لا يمتلكون الثقافة و الدراية و المعلومات اللازمة للتحدث فى شؤون الدولة !

بينما فى الديمقراطيات الحالية للمواطن البسيط حق فى انتخاب رئيسه و سن قوانين مختلفة تتوزع  بين منع اعطاء الجنسية الى غير السكان الأصليين و بين الموافقة أو رفض دستور قارى ، فى العرف الإسلامى للمواطن حق فى محاسبة رؤساءه و مسؤوليه وصرف شؤونه وفق مصلحته دون الإضرار بمصلحة المسلمين العامة وفقا للقاعدة لا ضرر و لا ضرار و للمسلم الحق فى مبايعة الخليفة على الحرب و السلم.

 فسيرة الخلفاء الراشدين الأربعة رضوان الله عليهم مليئة بأمثلة حية للحكم الراشد الذى لا يتجاوز العامة و لا يحتقر وجودها و آراءها، فمبدأ الشوري أثني عليه القرآن الكريم في شخص ملكة سبأ و قد جاء في محكم كتابه، بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتي تشهدوني)، فكيف لا يلتزم به نبي الإسلام عليه الصلاة و السلام و خلفاءه المهديين رضوان الله عليهم.

و تميز الإسلام بتقريب الجهاز التنفيذى من عامة المسلمين بما أن الخليفة كان يصرف شؤون الرعية فى المسجد، مكان العبادة و الدرس و القضاء. و يوم إتخذ الملوك و الأمراء لأنفسهم أماكن بعيدة عن أعين الناس لإدارة شؤون البلاد، ابتلى الناس بأقسى أنواع الإستبداد و ذاقوا ويلات الاضطهاد و الظلم. فلويس نابوليون كان رئيسا للجمهورية الفرنسية من 1849 الى 1852 و عندما خاف عدم تجديد عهدته قام بانقلاب فى2  دسمبر 1851 بمساعدة أخيه مورنى و بعض رجاله كبرسينى، موباس و سانت أرنو ليعلن عن حل البرلمان و إعادة الانتخاب بالصيغة العالمية و تنظيم استفتاء لإعادة إنتخابه، متحديا جميع مؤسسات الجمهورية !

فلم يتحرج من سجن 27 ألف شخص و نفى معظم المعارضين له  و فى 21 دسمبر 1851 تحصل على أغلبية الأصوات ليحكم فرنسا مجددا و فى 14 جانفى 1852 سن لويس نابليون دستور جديد يمنحه عشر سنوات جديدة للحكم ! و بعد تحضير الرأى العام فى 1852 و رفعه لحالة الطوارىء نظم استفتاء جديد لإعلان عن قيام الإمبراطورية الفرنسية و سمى نفسه بنابلون الثالث و تم إلغاء الدستور الذى ولد و مات فى عام واحد ! نلاحظ ماذا يفعل رجل مغرور ليبقى فى كرسى الحكم، إنه لا يتردد أمام شىء و كل شىء جائز له هذا فى بلد ثار ضد النظام الملكى فى 1789 و ها هو الحكم الشمولى الملكى يعود بعد اثنتان و ستون سنة من الثورة الفرنسية.

 لا أحد يستطيع أن يضع الحكم فى منأى عن رجال أعماهم حب السلطة و نابليون الثالث مثال على ذلك. فالعامة و البورجوازين و صغار النبلاء كلهم إختاروا فى نهاية القرن الثامن عشر وضع حد لإمتيازات النبلاء و السلطة المطلقة للملك و حاشيته و كبار الأرستقراطيين و جرى ما جرى من 1789 الى 1799 و رغم كل التضحيات عاد الشعب الفرنسى الى عهد الملوكية و الإمبراطورية . عندما سئل ليش فاليزا الرئيس البولونى السابق و زعيم نقابة العمال " تضامن " فى النظام البولونى الشيوعى البائد عن الأسباب التى جعلته يبتعد عن الساحة السياسية باكرا أجاب بتلقائية كبيرة: " عندما تقدمت الى الرئاسيات فى عام 2000 و لم أحوز على النسبة اللازمة للفوز أدركت بأن الشعب البولونى بتصويته هذا أفهمنى بأننى لست فى مستوى التحديات التى تواجهها بلادى، لهذا اخترت أن أنسحب و أن أتفرغ الى ما أريد أن أقوم به منذ مدة طويلة و هو الكتابة و مد يد العون الى من يحتاجوننى. "

فالرجل إحترم ارداة شعبه و تنحى ليترك للآخرين مهمة القيادة ، فليش فاليسا و على خلاف الكثيرين فى عالمنا العربى و الإسلامى فضل أن يحتفظ  بتقدير و محبة مواطنيه عوض أن يتقمص دور لا يليق بسجله الحافل بالنضال و العمل. إستنكار إميل أوجيه لا يحجب عنا كمواطنين ضرورة الوقوف بالمرصاد للإنتهازيين و المحتالين المستبدين، فاليقظة هى طوق النجاة للعامة .                                                                                               

Read 2703 times Last modified on Thursday, 15 November 2018 15:04

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab