كنا في السبعينات، في بلد خليجي، ننتظر طائرتنا التي ستأخذنا إلى جاكرطا عاصمة إندونيسيا، عائدين من عطلة رائعة في الجزائر دامت شهرا كاملا.
كانت الطائرة من نوع بوينغ ، عندما صعدنا إليها اتجهت عائلتي إلى مقاعدها في الدرجة الأولي، بينما ذهبت يسارا مباشرة إلى مقصورة القيادة، هناك وجدت القبطان مساعده مع تقني الاتصالات و شخص آخر، و بظهوري استدار الرجال الأربعة و ابتسموا لي، فحييتهم باللغة الفرنسية و سألتهم :
- من منكم القبطان؟
- أنا، قال لي أحدهم بلكنة ألمانية.
- فورا طلبت منه: "أريد منك أن تخبرني كيف تقود الطائرة".
فطلب مني الجلوس على مقعده، جلست و قال لي: "على يمينك المكبح الكبير، و أمامك المقود ، و على يسارك لوحة الأزرار، البوصلة الالكترونية، مسح الرادار، و سرعة الطائرة في التحليق، أما هذا فهو لفتح أجنحة الطائرة...
كنت أستمع بانتباه شديد، وضعت يداي الصغيرتين على المقود، و هنا جاء دور المساعد ليشرح لي بأنه في حالة ما تعب القبطان، أو آلم به مرض مفاجئ، فهو من يعوضه، و أشاروا لي بوجود قيادة إلكترونية عن بعد للطائرة في حالة ما تعذر ذلك على القبطان و المساعد . تبعهم المسؤول عن الاتصالات مع غرفة المراقبة في المطارات. كنت مستغرقة في الاستماع حتى سمعت خطوات والدي، و الذي بحث عني، و ردت عليه إحدى المضيفات بأن ابنتك توجهت إلى غرفة القيادة، و بمجرد ما ظهر أبي في المقصورة نهضت من مقعد القيادة و وقفت إلى جنبه، فأبتسم في وجهي ثم اعتذر للقبطانعن فضول ابنته الشقية، فرد عليه القبطان :"كانت جد مهذبة و فضولها شرعي في سنها".
شكر لهم والدي تفهمهم و هم بمغادرة المكان معي، إلا أن قائد الطائرة إستوقفه سائلا إياه :
- لحظة من فضلك سيدي، نريد معرفة جنسيتك؟
فكان جواب والدي :
- نحن جزائريين
فأبتسم الرجال الأربعة، و قال القبطان كلمته اللغز :
- آه فهمت.