أكثر ما يثير اعصابي مع الجزائري بصفة عامة تقوقعه علي ذاته...لا يملك ثقافة تسمح له بتكوين رأي متوازن بعيدا عن الإنحياز و الذاتية. نحن نعيش في الجزائر القارة كأننا في منأي عن تأثيرات الخارج و إختلالات النظام العالمي بل ألمس أنانية كبيرة لدي المواطن العادي، ما الذي يهمه إن إهتزت بورصة لندن أو هونغ كونغ و لا يهمه تخلفنا في ضمان نقل سلعنا المستوردة عبر سلسلة نقل محلية ؟
المسؤول مطالب بكل شيء، و يا ويله إن تخلف في أمر من الأمور و أما المواطن فهو معفي من اي واجب، لا يخطر علي باله مجرد الحفاظ علي بيئته العمرانية.
عشت بين اقوام و ديانات و مذاهب مختلفة، لكنني لم أري قط مجتمع منغلق علي ذاته كل فرد يعيش في قوقعته الخاصة به، همه فقط أناه و البقية إلي الجحيم، هذا هو بالمختصر المفيد المجتمع الجزائري في 1445 أي 2023. من الصعب تبرير ما نحن فيه، أين هي المثل و مفهوم التعاون علي البر و التقوي و العيش وفق منظومة قيمية منفتحة علي الآخر و العمل سويا من أجل حاضر أفضل ؟
كأننا في قطيعة مع العالم و مع المجتمع الكبير، حتي الجار لا يأبه لحالك أما القريب فحدث و لا حرج أذاه أكبر من منفعته مع أن الزمن ليس زمان الإنغلاق علي الذات و رفض أي تواصل مع بقية الحلقات...
فمصيرنا متشابك، ما يجري في الجوار ينعكس علينا شئنا أم ابينا، و عوض غلق الأبواب و صد أي محاولة للتثقف و التعارف نحن نظل في أبراجنا العالية منقطعين عن كل شيء و في اليوم الذي تهوي فيه قلاعنا لن نلوم إلا أنفسنا...
فما نتناساه أننا و نحن في قوقعتنا العالم في الخارج يتقدم و يتطور إلي الأحسن أو الأسوأ هذا لا يهم و الذي يهمنا أن لا نبقي حبيسي الشرنقة، نمني أنفسنا كذبا بأننا الأفضل و قطار الحضارة قد تجاهل محطتنا لسبب بسيط : نحن خارج حركة التاريخ...